وفي يوم آخر مررت بالمركز التجاري التونسي في نيويورك،
فجذب انتباهي معرض السجاجيد اليدوية والصواني النحاسية
الموضوعة بداخل الشباك. فقررت الذهاب إلى الداخل لالقي نظرة على
الأشياء الموجودة في ذلك المكان. أنا لم اُصدَم في حياتي بمثل
ما صُدمتُ به في ذلك اليوم، إذ لم أر في المكان إلا خزائن طويلة من
الأرض إلى السقف، كلها مملوءة بقوارير معبأة بأنواع الخمور. وقد
سألت المرأة الجالسة خلف الطاولة الأمامية عما إذا كانت هذه الخمور
من إنتاج تونس المتحررة، فأجابت بأنَ إنتاج هذه الخمور على نطاق
أوسع للاستعمال المحلي وللتصدير إلى الخارج دليل واضج على الرقي
الاقتصادي الذي كان هدية الرئيس الحبيب بورقيبة لبلاده. وقالت: إنَ
الإِسلام يُعتبر من الاَثار القديمة للعصور الوسطى، وقد استُبْدِلَ بما هو
أفضل منه!!
وقد لاحظت أن لهجة المرأة فرنسية ثقيلة، فسألتها عما إذا كانت
فرنسية، فأجابت بقوة ان نعم. وأضافت قائلة: إنّها متعاقدة مع
الحكومة التونسية، لأنّ الرئيس بورقيبة يرغب في تقوية أواصر الصداقة
مع فرنسا.
وفي مساء هذا اليوم أريد الذهاب إلى جامعة نيويورك التي كنت في
يوم من الأيام طالبة فيها، وذلك للحديث مع طالب فيها كان يهوديأ
ودخل في حظيرة الإِسلام منذ أسبوعين، فلما علمتْ أمه أنه أسلم،
أخذته حالاً إلى الكنيس، وهناك أكرهه الحاخام على الارتداد إلى
اليهودية، ولم يجد الطالب خياراً أمامه، إذ هددته أمه (أبوه متوفَى)
بمايقاف جميع المساعدات المالية عنه إذا استمرَّ على الإِسلام، وهو
125