الحجة الكبرى التي يحتج بها العلماء الغربيون ضد المسلمين هي "أن
الإسلام مضى زمانه، وهو غير ملائم لهذا العصر".
إنّ الغربيين حين يصفون مجتمعات المسلمين لا يكفّون عن التاًكيد
قبل كل شيء على رجعيتها وجمودها وخضوعها خضوعَ العبيد لتقاليد
ظالمة مضى زمنٌ طويل على الوقت الذي كانت فيه ذات فائدة. وهم في
احسن أحوالهم يصفون ما جاء به الإسلام بأنّه ملائمٌ للأعراب البدائيين
الذين عاشوا في الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي.
وبالرغم من أنَّ المؤرخين الأوربيين يميلون الاَن تدريجياً إلى ا ن
يعترفوا بسموّ المدنية الإسلامية منذ ألف سنة، ويعترفوا بفضلها على
المعرفة الأوروبية في القرون الوسطى، فإنَّ الرأي المجمعَ عليه هو أنَّ
العظمة الإسلامية قد زالت، وأنَّ ما فيها من قوة خلاَّقة قد استنفد منذ
القرن الثالث عشر الميلادي. وهم يتهمون طريقة الحياة (القديمة) التي
يصوّرها القرآن الكريم وسنة الرسول ع! ياله بأنها هي سببُ ضعف البلاد
الإسلامية وفقرها وجهلها ومرضها وتخلفها الاجتماعي.
فالسبيل الوحيد للتقدم هو اتخاذ سبيل المادية الغربية دون منافسة!
وهذا هو السبب في ما تُقَابلُ به أعمال كمال أتاتورك وأشباهه من ثناء
مفعم بالحماس في كل بلاد الغرب، بينما ي! م الشيخ حسن البنا واتباعه
بلا هوادة ولا رحمة.
وخلال الفترة الطويلة التي حكمت فيها أوروبة بلاد المسلمين
صارت المؤسسات التعليمية الوطنية كلها تحت سيطرة المستعمرين،
الذين بذلوا جُلّ عنايتهم في أن يكون الجيل الجديد مقتنعاً تماما بأنَّ
المدنية الغربية سامية سمواً لا يمكن الرفي إليه، وأن يتعلم كيفية تحقير
173