كتاب مريم جميلة المهاجرة من اليهودية إلى الإسلام

كل الفيم التي يمثّلها الإسلام. وبهذه الطريقة نجج المستعمرون في أ ن
يجعلوا داخل كل قطر فريقاً من أبنائه المسلمين تابعاً يدور في أفلاكهم.
وحين أعطى المستعمرون الأوروبيون الحرية السياسية للمستعمرات
التي كانوا يحتلونها سلموا الحكومة بصورة تلفائية إلى هذا الفريق
المستغرِب نفسه الذي يحكم اليوم جميع بلاد المسلمين.
وما إنْ تسلّم هؤلاء زمام الحكم حتّى شَرعوا يحطمون كل مظهر
يتجلَّى فيه الإسلام. وكانت أساليبُهم غالباً عنيفة وقاسية لدرجة أكبر
بكثير مما كان يتجرأ أسيادهم الأوربيون الذين سبفوهم على ان يحلموا
به مجرّد حلم. ولكن لما كانوا يُحْترَمُون كأبطال وطنيين، فإنّهم بصورة
عامة لم يلاقوا من المقاومة المنظمة إلا الشيء القليل إن هم لاقوا ادنى
مقاومة منظمة أصلاً.
ولم تكن أعمالُهم المعاديةُ للإسلام تفشل قط في الحصول على
المساندة الكاملة معنوياً ومادياً ممن بيده زمام الأمر في كل بلاد
الغرب، وكلما حققوا نصراً ما قابلوهم بالتربيت على ظهورهم تشجيعاً
لهم!.
وقبل مدة قصيرة كان المستشرق الكبير دكتور ج. ن. د. أندرسن
الأستاذ في جامعة لندن يزور لاهور (باكستان) فألقى كلمة في جماعة
كبيرة من المستمعين المسلمين امتدح فيها البلاد العربية لما قامت به من
محاولات تتسم بالشجاعة لأجل التوفيق بين الشريعة الإسلامية
وما تتطلبه مدنية القرن العشرين! وخلص من كلامه إلى أنه مسرور جداً
لأنَ العرب في الشرق الأوسط قد راوا اَخر الأمر النورَ الذي هداهم إلى
أنه ما لم يتم إصلاح الشريعةِ الإسلامية بفوة وفق الالسس الغربية
الحديثة، فإنهم لن يستطيعوا أن يتقدموا.
174

الصفحة 174