كتاب مريم جميلة المهاجرة من اليهودية إلى الإسلام
به أيّما سرور، واستمرت المراسلات بينهما قرابة ثلاث سنين، وكانت
تنقل له في مراسلتها ما يقال عنه في إعلام أمريكة وكندا.
وقد اتَّضح من هذه المراسلات عمق ثقافة مريم جميلة إلى حدٍّ
مدهش، ففد سألته أسئلة متنوعة عن شخصيات كبيرة، وناقشته مناقشة
مطوّلة في أشياء بدرت منهم.
فعلى سبيل المثال سألته عن شاه ولي الله الدهلوي، وهو من
العلماء الكبار في تاريخ الهند، ويعدُّ من جملة المجددين، فظنت أنه
أراد اختراعَ مذهب جديد خارج عن المذاهب الأربعة، فبيّن لها
المودودي أن الشاه ولي اللّه أراد أن يجتهد في تقريب المذاهب
الأربعة، والاستفادة منها جميعاً، وليس كما ذهبت إليه في ظنها.
وسألته عن الشاعر المشهور محمد إقبال وقالت له: إنّ إقبال نصرَ
القومية والوطنية في شعره، فصدّقها الأستاذ المودودي، وأخبرها أنّ
هذا من الأمور التي بالغَ فيها إقبالٌ رحمه اللّه.
وسالته عن رئيس مصر جمال عبد الناصر، وقالت: إنّه شخص يريدُ
أن يعمل لنفسه ولمجده الشخصي، وأنّ كلّ مساعداته لإفريفية وغيرها
تصبُّ في مصلحة الدعاية الشخصية، وهذا منها فهمٌ دقيق في ذلك
الوقت العصيب الذي طغت فيه سمعة جمال عبد الناصر على مفاهيم
كثيرة، وكانت شخصيته القوية ودعاواه القومية قد أضلَّت أكثرَ الناس.
إنّ تفهُّمَ مريم جميلة لشخصية جمال عبد الناصر بهذا الوضوح في
اَخر الخمسينيات يُعَدُّ فهماً متقدماً.
وسألته عن كمال أتاتورك، والماَسي التي صنعها في تركية.
ولها قول جميل في سعيد النُّوْرْسي، حشا قالت عنه: "إنه ليس
الصفحة 18
224