تجربتها الروحية المؤدية بها إلى الإسلام إلا في إطار دور القراَن الحاسم
في إيمانها، حيث يتغلغل إلى نفسها أولاً ككلام متلوّ مجرد استمعت
إليه بدون فهم من أسطوانة لشيخ مصري، ثم قرأته من خلال ترجمات
عديدة للمعاني، واستنارت في فهمه بالسنهْ الشريفة. كما تذكر أنّ
إيمانها بالإسلام تعزز عندما وجدت فيه الحلّ لمشكلات الفكر الكبرى
في الغرب كمشكلة البحث عن معنى الحياة إزاء النهاية المحتومة
بالموت.
ولو كان كتابُ مريم جميلة ا! تصر على سرد تجربتها الروحية المؤدية
للإسلام لما تميز كثيراً عن كتابات مشابهة. ولكن تفرّده وأهميته
يرجعان إلى أنه ليس مجرد عرض لحادثة شخصية، بل لموضوع حيوي
يهمُّ المسلمين على امتداد عالمهم الفسيج ألا وهو موضوع علاقتهم مع
أهل الكتاب.
وقد صدر الكتاب في فترة عانى فيها المسلمون العرب من هزيمة
ساحقة على يد قسم من اهل الكتاب. ولا نقول المسلمين العرب، بل
نحدد التعبير للدقة فنقول: هزيمة الحكام الطواغيت في بعض الدول
العربية.
كما أنَّ الكتاب صدر أيضاً في وقت تشتد فيه الهجمة الصليبية الكبرى
على الإسلام ممثلةً بطليعتها حركة التبشير التي وصلت بها الجرأة إلى
العمل والنجاح (بكل أسف) في بعض البلدان الإسلامية القُحّة كباكستان
حيث تقيم الكاتبة، والتي أُسست كدولة إسلامية خالصة.
وإزاء هذه الأحداث الجسيمة تكتب مريم جميلة شهادتها للتاريخ،
189