كتاب مريم جميلة المهاجرة من اليهودية إلى الإسلام

غربي مسيحي كذلك ان يبرزه بهذه الصورة الواضحة المبلورة المنصفة
غير المتحيزة.
فهو مثلاً فيٍ الفصل الأول من الكتاب -وهو اروعُ فصوله - يعفد
مقارنةً بارعة بين إحساس الرجل الهندي والمسيحي والمسلم
والماركسي تجاه التاريخ.
الرجل الهندي لا يأبَهُ للتاريخ، ولا يحسُّ بوجوده، لأنّ التاريخ
هو ما يسّجله البشرُ من أعمال في عالم المادة وعالم الحس. والهنديُّ
مشغو 4 ابدأ بعالم الروح. عالم اللانهاية. ومن ثَمّ فكل شيء في عالم
الفناء المحدودِ لا قيمةَ له عنده ولا وزن. والتاريخُ بالنسبة إليه شي!
ساقط من الحساب.
أما المسيحي فهو يحسُّ بالتاريخ، ولكنّه احساش غيرُ محكَم
الرباط، فهو يعلم أنّ مِنْ واجبه "تحقيق ملكوت اللّه في الارض ".
وذلك هددت له عنده حساب. ولكنّه يعلم كذلك أنَّ المخلوق البشري له
نقط ضعفه وهبوطه وانحرافاته، والتاريخُ - في نظره - هو في الأغلب
مجموعُ هذا الضعف والهبوط والانحرافات. وهو راض به على أنَّه أمو
واقع لا سبيلَ إلى تغييره تغييراً جوهرياً. ومن ثَمَّ فهو يعيش بشخصية
مزدوجة، أو في عالمين منفصلين لا يربط بينهما رابط: المثل الأعلى
- الجميل في ذاته -غيرُ قابل للتطبيق. والواقع البشري المطبَّق في واقع
الأرض منقطِع عن المثل الأعلى المنشود. ويسيرُ هذان الخطان في
نفسه متجاورين أو متباعدين، ولكن على غير اتصال.
امّا المسلم فهو يحسُّ احساساً جادّاً بالتاريخ، إنّه يؤمِن بتحقيق
ملكوت اللّه في الأرض، ولكن بطريقة أخرى. يؤمِنُ بأنَّ اللّه قد وضع
211

الصفحة 211