اللحاق بالركب، أي يتّخذوا وسائل الحياة الغربية كلها إذا أرادوا
اللحاق بالركب، أي يتخذوا وسائل الحياة الغربية كلها في عالم
الواقع، ثم ... فليظلوا مسلمين في عالم المثال. فلتظل لهم
عقيدتهم، ولكن في معزلي عن سياسة أمور المجتمع والسيطرة على
مجرى الحياة فيه ".
والمثالُ الذي يبرزه المؤلف ليحتذيه العالم الإسلامي كله هو تركية
الحديثة. إنّها الدولةُ التي نبذت الدين، وأسست دولة علمانية تتخذُ كلَّ
وسائل الحياة الغربية في المجتمع.
وهو يتحمّسُ في وصف هذه الدولة حماسةً عجيبةً يكاد ينسى فيها
نفسه، يكاد ينسى وقاره العلميَّ الهادىء، بل إنّه ليخرجُ على الطبيعة
الغربية ذاتها في معالجة الشؤون الفكرية، ويندفع في أوصافه وعباراته
كالشرقيين الذين يعيبُ عليهم الغربُ شدة الحماسة والاندفاع الوجداني
في اثبات " الخقائق " العلمية!
كم مرة ذكر كلمة "النجاح العجيب " و"البراعة " و"القوة " و"الحكمة"
و"الواقعية " و"الارتفاع إلى مستوى الأحداث " و"الحصافة"
و"الكياسة". . كلها في وصف الأتراك بعد ثورتهم الجامحة على
الدين. . .
ولكنْ أعجبُ ما قاله في الفصل الخاص بتركية، هو قوله: "إنّ
تركية ليست دولة لا دينية، وإن كانت دولةً علمانية! إنها في نطره دولةٌ
مسلمةٌ! وأهلها مسلمون متدينون! كل ما هناك - في نطر المؤلف - أنّهم
قد احدثوا تطوراً في المفاهيم الإسلامية ذاتها. فقرروا - مثلاَّ - أنّ الدين
لا يجوز ان يحكم أمورَ المجتمع، وإنّما يظل قابعاً في الضمير إ ".
216