ويتيقط المؤلف - لحظةً - إلى هذه المغالطة المكشوفة، فيقول: إنّ
"بعض الناس " سيلاحظ أنّ هذا " التطور" في فهم الإسلام هو تطور على
الطريقة الغربية المسيحية، التي تفصِلُ بين الواقع والمثال، وبين الدين
والمجتمع، وأنّ تركية الحديثة -إنْ كانت متدينةً - فهي متدينة على
الطريقة المسيحية، لاعلى طريقة الإسلام. ولكنّه يروغُ من هذه
الملاحظة التي لا شك في صدقها بقوله: إنّ هذا من مقتضيات التطور
في العالم الحديث!.
وبقدر ما يتحمّس المؤلف لتركية اللادينية، فمانّه يصبُّ جام غضبه
على باكستان، لغير شيءً سوى أنّها قررت في يوم من الائام أن تكون
دولةً مسلم! في القرن العشرين.
فإذا كانت تركية هي النجاح العجيب، والبراعة، والقوة،
والحكمة، والتعقل. . . إلخ. فباكستان هي الفشل الذريع، والخيبة،
والضعف، وسوء التصرف، والتعصب، والحماقة. . . إلى اخر
ما يكيل لها المؤلف من أوصاف.
وينسى المؤلف نفسُه مرةً أخرى في فصل باكستان. فبعد أنْ يفرّرَ
- في صراحة عجيبة - أنَّ باكستان فشلت في أن تكون " دولة مسلمة " لأنَّ
الحزبَ الذي تولّى الحكمَ فيها وقتَ إنشائها لم يكن مسلماً عميقَ
الجذور في التربية الإسلامية الحقة، وإنّما كان هو الحزب الذي ربّاه
الغرب على عينه، ودرّبه على ألوان من الكفاية الإدارية، هيأت له
الوصول إلى مقاعد الحكم. . . يعود فينسى نفسَه، وينسى الحفيقة
التي صرّح بها، ويقول: "إنّها فشلت في أن تكون دولة مسلمة، لأنّ
217