كتاب مريم جميلة المهاجرة من اليهودية إلى الإسلام

لحية كثّة سوداء، وعصا طويلة ثقيلة، يوجِعُ بها عظام تلاميذه
الكسالى. ثم يتلو ذلك ترانيم "الكُنُس اليهودي " الباكية.
ومع أنّ هذه التجارب كانت جزءًا لا يتجزّأ من طفولتي، إلا انّ
عائلتي كانت لا تمُتّ بصلة إلى هذا العالم. لقد وُلدْتُ في بيت
"إصلاحي"، "متأقلم مع مجتمعه " وليس محافظاً. ولم يكن والداي
ولا اقاربي يتبعون الشريعة اليهودية. وكانت عائلتي، بخلاف الجمهرة
الغالبة من يهود أمريكة من أصل ألماني لا من اصل روسي. وهم لم
يطردوا من ألمانية كما طرد اليهود من روسية بالمذابج والاضطهاد،
ولكنّهم نزحوا باختيارهم إلى امريكة منذ اكثر من قرن، سعياً وراء
الازدهار الاقتصادي. وعلى خلاف يهود أوروبة الشرقية، فإنّ هؤلاء
النازحين من ألمانية لم يأتوا من الأحياء اليهودية " الغيتو"، بل كانوا قد
ذابوا في مجتمعات الأغلبية النصرانية. وإنّ والدة جدتي، التي كانت
شقراء وألمانية المظهر، كأيِّ ألمانيّة اخرى، لم تكن أبدا تتوانى عن
الاحتفال بعيدِ الميلاد على أكمل وجه، بما في ذلك الهدايا المنتقاة
لأبنائها واحفادها وشجرة كبيرة مزيَّنة لعيد الميلاد.
ولم يكن اليهودُ "المتحضرون" يسمّون بيت العبادة "كنيساً"، بل
"معبداً". وكانت الطقوسُ المعبدية "الإصلاحية" تقامُ على شكل
واساليب الطوائف النصرانية البروتستانتية، بمجموعات مختصة مدرَّبة
مختلطة من الرجال والنساء (بعضهم مسيحي) يغنّون الاكحان المعروفة
للتراتيل المسيحية بكلمات أخرى وُضعت كي لا تؤذي المستمعين اليهود.
وكانت طقوسنا في المعابد الإصلاحية جميعها باللغة الإنكليزية
تقريباً مع شيء قليل من العبرية، وفي شرائعنا التي يحسبها المحافظون
اساسية لنا لم يكن شيئاً منها ملزِماً لنا، كما أنها كانت تعتبر من قِبَلِ
41

الصفحة 41