كتاب مريم جميلة المهاجرة من اليهودية إلى الإسلام

بفطرتي دجل الدعاية الصهيونية. ويا لخيبة أسرتي! فقد انحزتُ أكثر
فأكثر إلى جانب العرب.
وبعد أن قرأتُ كلَّ كتاب تيسّر لي في المكتبة المجاورة لنا عن تاريخ
العرب وثقافتهم، وعلى الرغم من اللهجة الجافة، بل المعادية، فقد
اقتنعتُ جازمةً أنَّ الدعاية ضدهم كانت ظالمةً. فكلُّ ما قراتُ عنهم في
تلك الأيام كان يثير إعجابي. وإنَّ الميزات نفسَها التي تنفّر الرجل
الأمريكي أو الأوروبي العادي من العرب هي التي كانت تجذبني.
وبمرور السنين، اتّضحت الحفيقةُ لي تدريجياً. وهي أنَّ العربَ
ليسوا هم الذين جعلوا الإسلام عظيماً، بل إنَّ الإسلام هو الذي جعل
العرب عظماء. فلولا النبي محمد -! ك! ي! - لكان العربُ اليوم شعبأ
مجهولاً كالأسكيمو أو الزولو. ولولا القرانُ الكريم لكانت اللغة العربية
غيرَ ذات أهمية، إن لم تكن قد بادت. ولأنَّ النبيَّ محمداً -ع! ي! - كان
عربياً، ولأنَّ القران الكريم اُنزل بالعربية، فإنَّ كلَّ مسلم في العالم
العربي ضمن هذه الحدود في ثقافته، دون النظر إلى جنسه أو قوميته.
لقد قال الرسول! ك! ي!: ((أحبّوا العربَ لثلاث: لانني عربي، ولا! القرآن
عربي، ولانَّ حديثَ أهل الجنة عربي " (1).
إنّ الكثيرَ من مثقفينا العصريين يشجبون هذه التعاليم العربية
الأصول، ويعتبرونها إقليمية تصلجُ للمجتمع المحدود الذي عاش فيه
الرسول ع! يِ!، لذا فيجب ان تُطرَح كشيء بالٍ.
(1)
رواه الطبراني في الكبير (185/ 11) والأوسط (271/ 6) وهو حديث
موضوع كما قال الذهبي. انظر (مَحَجّة القُرَب إلى محبة العرب) للحافظ
العراقي ص (89) ط دار العاصمة الرياض (ن).

الصفحة 45