فقط. والكتب السماوية ليست وحيَ اللّه للجنس البشري عامة. بل هي
في الدرجة الأولى كتب التاريخ اليهودي. وداود وسليمان عليهما
السلام ليسا رسولين دلّه بالمعنى التام، بل هما ملكان يهوديان ليس إلا.
والخلاصُ عند اليهودي لا يكمن في الآخرة لَما يكمن في استعادة
فلسطين. وباستثناء يوم الغفران (كيبور) - يوم كفارة اليهود أو توبتهم-
فإنَّ الأعياد والعطل التي يحتفل بها اليهود كيوم التا-شين (هانوكاه) ويوم
النصيب (بوريم) ويوم الفصج (بيساح): هي أيام ذات أهمية قومية أكثر
منها دينية. ونتيجة لذلك، فإن المسيج ويحيى عليهما السلام كُذّبا
واحتُقرا في قومهما كمبتدِعَيْن منشقَّيْن، لأنَّ الرسالة التي جاءا بها لم
تتفق مع الشعور القومي لليهود السائد آنذاك. ولذلك فقد نزع اللّه النبوة
من بني إسرائيل، وأنعم بها على أبناء عمومتهم العرب.
وكما هو متوقع، فقد كذّب اليهود نبينا الكريم محمداً! ي! ورسالته
بعنف شديد. لقد كانت ضربة قوية لكبريائهم القومية ان يختار اللّه رجلاً
عربيأ أمياً رسولاً له.
يقول ناتان ازيل في كتابه "تاريخ الشعب اليهودي المصوَّر" ص
(93) المنشور في نيويورك سنة 1953 م: "إن الدين الإسلامي الذي جاء
به محمد في القرن السابع الميلادي، كان كالنصرانية من نتاج الديانة
اليهودية. ومحمد - كالمسيح - لم ينو إيجادَ دينٍ جديد، فقد أعلن عن
نفسه كنبي يهودي. سواء من قبيل الاقتناع أو مقتضيات الحال - بدافع
غريب عنه قطعاً- فإنَّ محمداً في بداية حياته كنبيٍّ كان يخاطب في
مواعظه الدينية يهود الجزيرة العربية خاصة. ولفد اقتبس الكثيرَ من
القصص والشرائع التي في القراَن من التلمود والمدراش، ولكن بطريفة
محرّفة مدهشة. فاستعمل في تأليف سوره شاعرية القصص الشهيرة من
47