كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

القواعد التي لاصلاحَ للمجتمع إلا بها، وما عدا ذلك فأحكامُها تقوم
على الاجتهاد، وتسايرُ الزمن في تقذمه وتطوّره. ولكن على أن يكون
فتحُ باب الاجتهاد بنظام يكفل منع الفوضى التشريعية، ويجعل الاجتهاد
حق الجماعة لا حق الفرد. فبهذا ننفي ضرر الجمود التشريعي، ونتقي
ضرر الفوضى التي تترتب على إدعاء اي فرد، وأن ما اداه إليه اجتهاده
حكم ديني " (1).
ومن الأمثلة على اجتهاده في القضايا المستجدة ما ذكره في بحث:
"العقود والشروط " بشأن التعاقد بالوسائل الحديثة: "اقول: إنَّ العقد
بالتلغراف: كالعقد بالكتابة؟ لأنّه لم يخرج عن كونه كتابة مرسومة
مستبينة، وإن لم تكن بخط العاقد الآخر، ولكنها نقل لصورة ما كتبه هو
ووقع عليه، وتلك الصورة تحفظ بمحل الإرسال دائمأ ولا بدّ منها. وأما
العقد بالتلفون فالذي يظهر انه كالعقد مشافهة، مهما طالت الشقّة
بينهما، ويعتبر العاقدان كأنّهما في مجلس واحد، إذ المعنى المفهوم من
اتحاد المجلس؟ أن يسمعَ احدُهما كلامَ الاخر ويتبينه، وهذا حاصل في
الكلام بالتلفون كما هو مشاهد لنا، غاية الأمر أنه يحتمل الكذب وتصنّع
صوت الغير، لكن هذا قد يحصل في الرسالة والكتابة ايضاً. وقد
يحصل العقد بواسطة الراديو كما نقلت الصحف في هذه الأيام نبأ عقد
زواج بين فتاة في بلاد السويد، وفتى في أمريكة والمسافة بينهما
(4200) كيلو متر، وكان ذلك بواسطة الراديو، وأقول: إن القول فيه
كالقول في التلفون، ثم اقول: إنَّ الغرض هو أن تظهرَ إرادة العاقدين
على أي صورة كانت، وألا يكون في العقد عسر بأحدهما من حيث
ارتباط الإيجاب بالقبول الذي من أجله اشترط الفقهاء اتحاد مجلس
الإيجاب والقبول " (2).
(1)
(2)
كتاب القصاص لأحمد إبراهيم نقلاً عن كلمة المازني، مجلة مجمع اللغة
156/ 7.
بحث: العقود والشروط لأحمد إبراهيم، مجلة القانون والاقتصاد -
107

الصفحة 107