كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

مرابحةً، وكان الثمنُ مؤخلاَ، ثم مات في أثناء المدة، فلا يستحقُّ
الدائن من المرابحة التي جرت بينه وبين المدين إلا حصة ما مضى من
الأيام. وبهذا أفتى المتأخرون من علماء المذهب، وافتى به المولى
أبو السعود، وعلله بالرفق من الجانبين (1).
وقد استحسن الشيخ أحمد إبراهيم هذه الفتوى. وقال: "لا شك أنَ
هذا نظرٌ جئد جداً، فإنا نعلم علماً لا شك فيه انَّ عادة التجار إذا باعوا
نسيئة أنهم يضيفون إلى الثمن الذي يباع المبيع به حالاً مقداراً يتناسب مع
هذا الزمن. والعادة المستمرّة في المعاملات أنَّ الأثمانَ المؤجلةَ أزيدُ من
الأثمان الحالّة، ولا شك ولا ريب أن تلك الزيادة في مقابل الأجل،
فكلما طال الأجلُ كثرت الزيادة، إذ هي في الحقيقة موزعة على مدة
الأجل، فكما انَ البائع مرابحةً بثمن مؤجل يحلّ دينه بموت المشتري،
وقد كان فيه زيادة تقابل ما بقي من المدة، فمن العدل أن تسقط تلك
الزيادة. ثم قارن هذا بما نقلنا من (كشاف القناع) " (2).
لكنٍ تلميذَه الشيخ محمد أبو زهرة لم يرتضِ هذه الفتوى، واعتبرها
متضفنة لشبهة الربا، فإسقاط الزيادة التي كانت في مقابل الأجل لا يخلو
من شبهة الربا، والربا وشبهته حرام (3).
والحقيقة أنَّ إسقاط شيء من الزيادة لأجل الأجل إذا حلَّ الدين
بموت المدين لا يعتبر من قبيل الربا، لأنَّ هذا الإسقاط لم يكن مشروطاً
في العقد، وإنّما حدث الموتُ للمدين وحل الدين، فالعدل يقتضي
حسم مبلغ من الربح الذي دخل فيه ما يقابل الأجل. فالفتوى صحيحة،
وليس فيها شبهة ربا، ولا تدخلُ في مسألة "ضع وتعجّل" التي تكون بين
(1)
(2)
(3)
حاشية ابن عابدين 5/ 160.
التركة والحقوق المتعلقة بها لأحمد إبراهيم، مجلة القانون والاقتصاد
س (7)،ع (3) ص: 367.
أحكام التركات والمواريث للشيخ أبو زهرة ص: 40.
113

الصفحة 113