كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

باب القود فيما دون النفس - ونُشرت هذه الفتوى في جريدة الاهرام (1).
ولمّا اطلع الشيخ أحمد إبراهيم رحمه اللّه على هذه الفتوى كتب بحثاً
ضافيأ مستفيضأ بئن فيه أقوال الفقهاء في أنواع القتل، وحُكْمِ كلِّ نوع
منها، والأحكام المتعلقة بميراثِ القاتل، ومذاهب العلماء فيها، حيث
ذكر خمسةَ مذاهب، ورجّج بعدَ العرض والمناقشة رأي الإمام مالك
رحمه اللّه، الذي يقضي بحرمان مَنْ أعانَ على القتل ولو لم ينفذه.
وقال: "والذي أراهُ هو رجحانُ كفّة مَنْ نظر منهم إلى جانب المعنى
كالإمام مالك، ومَنْ أخذَ أخذ 5، فإنَّ اللّه تعالى رؤوف رحيم بعباده،
حكيمٌ في كلّ ما شرعه لهم في كتابه، وعلى لسان رسوله! ك! يو، وحكمته
تقضي برعاية مصالح عباده تفضّلاً منه ونعمة عليهم. فكانت أحكامه
لاجرمَ منوطة بمصالح الناس، والمعنى المناسب لحرمان القاتل من
ميراثه من مورثه هو ر! قصده السيء عليه، ليسلم العالمُ من الفساد،
ويحفظ نظامه من الاختلال، من هذ 5 الناحية، وكذا الحال في كلِّ
مسائل التشريع تكليفاَّ وَوضعاً، أمراً ونهياً وإباحة إلخ.
وأمّا الوقفُ عند ظواهر النصوص، والأخذ بها على ظاهرها، مع
غضِّ النظر عن المعنى وحكمة التشريع فهو -وإن قالو! هو الطريق
الأسلم - لا يتناسبُ مع شريعة قيل: إنَّ أحكام معاملاتها معللة بمصالح
الناس، ومن اجل هذا نشأ القياسُ، واعتبره جمهورُ العلماء أصلاً من
أصول التشريع خلافأ لأهل الظاهر. فالنظرُ إلى جانب المعنى لا خطرَ فيه
أصلاً مع تفهم مقاصد الشارع، والاعتماد على هدايته وتوفيقه. ولذا كان
مالك ومن وافقه في رعاية المصالح والنظر في مقاصد الشارع أسعد حظاً
من سواهم في استنباط أحكام المعاملات سواء أكانت مدنية (مالية، أ و
شخصية) أم من العقوبات والتعزيرإت أم من غير ذلك.
(1)
بحث: ميرإث القاتل لأحمد إبراهيم، مجلة القانون والاقتصاد، س (4)
(1934 م) ص: 117.
117

الصفحة 117