كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

الفقهاء إذا اختلفوا" (1) ولذلك اتّسمت مؤلفاته بالطابع العلمي الجاد (2).
وامّا المعاصرة فهو لم يغفلْ ثقافة العصر في مؤلفاته من لغة
ومصطلحات علمية حديثة وطرق بحث حديثة فهو يقول في مقدمة كتابه
"النفقات": "إنَّ منْ بين الدراسات العليا في جامعات أوربة نوعين من
الدراسة اتّسعت بهما دوائر القوانين على اختلاف انواعها، وظلّت تنتقل
بها من حالة إلى خير منها، وهما دراسة القانون المقارن، ودراسة
القانون بتوسع وتعمق: بأن يعمدَ إلى مسألة من مسائله الهامة من الناحية
العملية او الناحية النظرية، ويُعنى بها في الدراسة العناية التامة من جميع
جهاتها، ثم يسلك هذا المسلك في غيرها وهلم جرا. وبذلك اصبحت
قوانين أوربة في تمحيص وتهذيب وتنقيج. وإني قد شغفت كلَّ الشغفُ
بأن يكون هذا النوعُ من الدراسة النافعة متبعاً عندنا في الشريعة الإسلامية
للمرّة الأخيرة لدراستها. لذلك وضعت هذه الرسالة في مقارنة مذاهب
أئمة الشريعة بعضها ببعففي احكام النفقات لتكونَ نموذجاً لدراسة
المقارنات المذهبية مع الاستطراد الذي يقتضيه المقام من مقارنات
ومقابلات للقوانين الوضعية. كما وضعت من قبلُ في السنة الماضية
كتابي: "طرق القضاء" ليكون نموذجاً لدرإسة الشريعة بتعمق وتوسع.
وإني أقولُ ولا أرتاب في شيء مما اقول: إنَّ دراسة الفقه لا تكون مثمرةً
ولا مفيدةً لطلاب قسم التخصص في الشريعة الإسلامية من حاملي شهادة
العالمية في المعاهد الدينية، وكذا لطلاب قسم الدكتوراه في كلية
الحقوق إلأَ إذا اتبعت معهم هاتان الطريقتان، وكررت كل واحدة منهما
على حسب ما يتسع له الزمن فيما يناسب من الموضوعات المختلفة،
فبذلك تتربى فيهم ملكةُ الفقه في الشريعة الإسلامية تربية سليمة، يرجى
ان يظهر اثرها النافع في وضع قوانين شرعية تكون غضة نضرة محكمة
(1)
(2)
كلمة جاد الحق في أحمد إبراهيم ضمن كتاب طرق الإثبات ص: 13.
كلمة ا! خ أبو زهرة في أحمد إبراهيم في كتاب طرق الإثبات ص: 11.

الصفحة 124