كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

تكن تلك الهجمة مجرد ردّة فعل كالهجمات السابقة، وإنما كانت
هجمات منظمةً ومخططاً لها، فقد عمل الغرب الصليبي واليهودي منذ
مئات السنين على إضعاف العالم الإسلامي من جميع النواحي السياسية
والاجتماعية والعلمية. وفيما يلي بيان لهذه النواحي:
أولاً - من الناحية السياسية: استولت فرنسة على مُرّاكش بالإضافة إلى
الجزائر، واستولت إيطالية على ليبية، ثم انتزعتها منها إنكلترة، وأقاموا
فيها دولة للسنوسيين، واحتلت انكلترة مصر في
سنة (300 اهـ=1882 م) احتلالاً فعلياً، ولكنّ الدولة العثمانية ظلت
تنازعها السيادة من الناحية القانونية، حتى الحرب العالمية الأولى
سنة (333 اهـ=1914 م)، وبقي للمسلمين في هذا القرن دولتان،
ولكنّهما ضعيفتان: الدولة العثمانية التركية بقيادة السلطان عبدالحميد
الثاني، ودولة القاجاريين بفارس، وكان يتولاها ناصر الدين شاه،
ولكنّها كانت مصابة بداء الفتنة، فقد قُتل ناصر الدين بيد احد أفراد
عائلته سنة (314 اهـ-1896 م) وتولى بعده ابنه مظفر الدين شاه،
فقامت عليه ثورة اطاحت به سنة (325 اهـ-1906 م) وأهم الأحداث
السياسية التي برزت في هذا العصر هي (1):
ا - قيام الحرب العالمية الأولى (1333 - 337 اهـ- 1914 م -1918 م)
بين كل من إنكلترة وفرنسة وروسية وإيطالية وصربية وبلجيكة، وبين
ألمانية والنمسة وهنكارية والدولة العثمانية: وانتهت بانتصار الفريق
الأول، وتقسيم العالم الإسلامي الذي كان يخضع للدولة العثمانية بين
إنكلترة وحلفائها، فاستولت إنكلترة على فلسطين وشرقي الأردن والعراق
(1)
انظر: المجددون في الإسلام، لعبد المتعال الصعيدي ص: 508،
ومعالم تاريخ الإسلام، لعصام الدين الفقي ص: 368، والأسرار الخفية
وراء إلغاء الخلافة العثمانية، لمصطفى حلمي ص: 26، وواقعنا
المعاصر لمحمد قطب ص: 297، وعلي الخفيف للمؤلف ص: 11 - 13.
13

الصفحة 13