كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

الأصوليين فيه. ورخح الاستفادة منه إذا لم يوجد ما يخالِفُه في شريعتنا.
واستدلَّ لذلك بما روى عن الرسول! ي!: "لقد هممت أن أنهى عن
الغيلة، فنظرتُ إلى الروم وفارس، فإذا هم يغيلون اولادَهم فلا يضرُّ
ذلك أولادهم " (1) والغيلةُ: أن ترضعَ المراة وليدأ وهي حامل. والرسول
!! لى يستنكف بأخذ بما عند الروم وفارس فيما لاضرر فيه من
مقتضيات شؤون الدنيا، وقد علّمنا بذلك رعاية المصلحة أنّى كان
مأخذها، هذا بالإضافة إلى قوله تعالي: "فَبشَزّ عَبَاد! آئَذِينَ يَسْتَمِعُونَ اَلْقَؤلَ
لمجتبِعُونَ أَخسَنَهُز أُوْلسل! اَلَذِينَ هَدَدئهمُ اللَّهُ وَأُوْل! كَ هُمْ اوْلُوْا الأَئئبِ " أ الزمر:
17 - 118 وقد اقتدى بالرسول! يمّ خلفاؤه المهديون، ولا سيما عمر بن
الخطاب رضي الله عنه، فقد اقتدى بالروم وفارس في وضع الدواوين،
وما إلى ذلك مما يقتضيه نظامُ الدولة في حالتي الحرب والسلم.
كما يضاف إلى نصوص القرآن والسنة مذهب الصحابي: أي أقضيته
وفتاويه وأراؤه، واعتبره بعض الفقهاء من الأصول التي تؤخذ منها
الأحكام، فيؤخذ بها، ولا يتوسع فيه إلى التابعي.
ثم بيَّن كيفية استنباط الأحكام من النصوص الشرعية، ثم بيّن كيفية
الوصول إلى الحكم الشرعي مما لا نصَّ فيه، ويكون بالاجتهاد والقياس
ومراعاة قواعد العدل والعرف، وذكر شروط الاجتهاد.
وبعد ذلك انتقل إلى المحكوم فيه أو به، وهو الفعل الذي تعلّق به
خطاب الشارع، وهو على أقسام: منها ماله وجود حسي فقط:
كالقتل، ومنها ما له وجود حسي ووجود شرعي معاً كالأركان والشروط.
وبعد ذلك انتقل إلى المحكوم عليه، وهو المكلّف الذي تعلّق خطابُ
اللّه بفعله، وبيّن أنَّ التكليف متوقف على الأهلية، ولذلك فصّل القول
فيها من حيث معناها وأقسامها ومراتبها وعوارضها.
أمّا الخاتمة فقد خصصها لبيان حقيقة علم الأصول من حيث معناه،
(1)
صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب جواز الغيلة (1442).
134

الصفحة 134