كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

إحلال الثقافة الغربية محلّ الثقافة الإسلامية، فسيطر الاستعمار في الدول
العربية على التربية والتعليم، وغيَّر كثيراً من المناهج الدراسية، وبعث
المبعوثين إلى الجامعات الغربية، لغسل أدمغتهم، وتحويل أنظارهم،
فانبهر الكثير منهم بالعلوم الغربية التجريبية، وجعلوها تطغى على العلوم
الشرعية من عقيدة وتفسير وحديث وغير ذلك. مما أدى إلى ظهور
دعوات هدامة في مجال التعليم: كالدعوة إلى العامية بدلاً من اللغة
العربية الفصحى، واتخاذ العامية أداة الكتابة والتأليف، والدعوة إلى أ ن
الشعر الجاهلي منحول للطعن في إعجاز القراَن الكريم، والدعوة إلى نبذ
السنة بحجة أنه دخلها الموضوع وغير الصحيج، واختلط الصحيح بغير
الصحيج، فيكفي القرآن وحده.
وقد عمل الاستعمار على إبعاد خريجي الأزهر عن الوظائف الحكومية
بحجة عدم معرفتهم بواقع العلوم العصرية، وحصروهم في المساجد
والكتاتيب، مما أدى إلى إضعاف الثقة بهم، وإضعاف الدراسة الشرعية
في الازهر والمدارس الشرعية. ومما ساعد على ذلك جمود بعض العلماء
وتعصبهم لمذاهبهم الفقهية (1).
والناظر في الإنتاج العلمي للشيخ أحمد إبراهيم رحمه اللّه يجده قد
تصدّى لأزمة التعليم المعاصر وفساده، وانبهار المغررين بالتعليم الغربي.
حيث قال: "وكان مما خطر ببالي في وسط تلك الدهشة ما يظنّه بعضُ
المساكين من متعلمي المسلمين ذلك التعليم الحديث الذي طنّوه كاملاً،
وما هو إلا في أحط دركات النقص، طنوا - هداهم اللّه - انَّ السيادة
والاستقلال يكفي لاستحقاقهما، ذلك القدر من العلم الذي حصّلُو 5،
وتلك الشهادات الدراسية العليا التي نالوها من أرقى المعاهد العلمية
الأوربية بجدارة وتفوق حتى على كثير من أبناء تلك الأمم التي نالوا تلك
الشهادات من معاهدها، حتى قال مسكين منهم معتزأ بما حمله من تلك
(1) الشيخ علي الخفيف للمؤلف ص: 15.
19

الصفحة 19