كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

الشهادات، وماحضَل عليه من قشور القشور التي ظنها علماَ قيماً:
مابالنا لانُعْطى الاستقلال، وقد أعطيه العرب الجهال رعاة الإبل،
ونحن أولاً على درجة من العلم والمدنية الغربية التي تجعلنا خيرَ أهل
لذلك. وثانياً: نحن من نسل اولئك الفراعنة ذوي الحضارة القديمة التي
بهرت أنظار الغربيين.
وفات هذا الشيخ الطفل ان الاستفلال ليس منحة تُعطى، بل هو
نتيجة طبيعية لازمة لحالة الأمة الاجتماعية، سنة اللّه في خلقه "وَلَنتَجدَ
لِسُنّتَ الئَهِ تحَؤِللا" أفاطر: 43،.
فهؤلاء العرب الجهال رعاة الإبل لم يتشرف واحد منهم بنيل شهادة
الدكتوراه ولا ما دونها، إنّما نالوا الاستقلال بنفوسهم الصالحة، وتربية
ووراثة، فلم يمسسهم ولا اسلافهم ذلُّ الاستعباد، ولم يتطرَّق إلى
أخلاقهم الرفيعة الفساد الوضيع.
وأما اعلى الشهادات وأرقى انواع تلك العلوم فمحال أن تكون من
مهيئات الاستقلال والسيادة مع فساد النفوس وضعتها، وانحطاط الأخلاق
وانحلالها، والانغماس في الشهوات البدنيّة، والتفاني فيها، فليس
للاستقلال والسيادة إلا طريق واحد هو النفس الصالحة، فهي حسبها
وكفى.
وأما التبجج بالانتساب إلى الفراعنة فهو عجيب ممن ينتمون إلى
الإسلام، بل الأولى بهؤلاء المنتسبين أن ينسبوا أنفسهم إلى الأمة التي
استعبدها الفراعنة، وساموها الخسف والهوان، وسخروها لخدمتهم
لاغير، فهذا هو الواقع، والإنصاف يقضي عليهم بأن ينتسبوا إلى
أصولهم الحقيقية " (1).
وفي مجمع اللغة العربية تصدّى الشيح إحمد إبراهيم لدعوة الأستاذ
(1)
مفالة 4 في تقريط تفسير القرآن لمحمد رشيد رضا،
20
مجلة المنار

الصفحة 20