كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

وفي هذه المدرسة ظهر نبوغ الشيخ أحمد إبراهيم الفقهي بين نخبة
ممتازة زاملها، وكان مرموقاً مقدراً. ومن هذه النخبة يذكر تلميذ5
النجيب محمد أبو زهرة: "المرحوم الشيخ محمد الخضري
(ت 343 اهـ=1927 م)، والمرحوم العبقري عبد الحكيم السبكي
(ت 324 اهـ-1943 م) والشاعر الفحل محمد عبد المطلب
(ت 350 اهـ= ا 193 م) والأديب العظيم ذو الذوق البياني محمد
المهدي زكير اغا (ت 343 اهـ= 1924 م) وكل هؤلاء كانوا يعملون في
ظل دوحة مباركة تتمثل في عاطف بركات استاذ الأساتذة " (1) وبعبارة
أخرى أكثر تفصيلاً في صفات كل واحد من افراد هذه النخبة. "تذكرت
أستاذ الأساتذة عاطفاًالعبقري الذي لم يفر فريه في التربية أحد، تذكّرت
فيه ذلك العقل الحر المتطلع، والروح المشرق، والنفس الفياضة،
والقلب الكبير، والهمة العالية، والإرادة الحازمة، والخلق القوي،
والمنزع العلمي. وتذكرت الأستاذ عبدالحكيم بن محمد في سمته
وتقاه، وشخصيته القوية، ونفاذ عقله، وقوة ذكائه.
وتذكرت الأستاذ الخضري الذي كان ينساب العلمُ على لسانه في صوت
كأنه الموسيقا، وعلى قلم يضيء النور للحقائق كأنه المصباح المجلو. تذكرت
فيه الفقيه، وتذكرت فيه المؤرخ الذي لم يسبق في عصره، ولم يلحقه أحد
من بعده، وتذكرت فيه الأديب الواسع الأفق الذي التقى في كتابته إشراق
الديباجة مع دقة الفقيه، وإحاطة المؤرخ فكان في عصر نسيج وحده.
وتذكرت الأستاذ المهدي، وإعجابه بالادب العربي، وحسن
اختياره، ولطف حسه، ودقة ذوقه، وأسلوبه المسلسل كالنمير العذب،
وموازناته الأدبية المصورة للخطباء، وهم يتدفقون على المنابر تدفق
السيل في منحدر الوادي، وللشعراء وهم يصفون خلجات النفوس،
وحركات القلوب في موسيقا تهز النفس، وتوقط الحس.
(1) المرجع السابق.

الصفحة 40