كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

وتذكرت بحر العلم الذي لا تكدّره الدلاء الأستاذ آحمد إبراهيم،
تذكرت فقهه الدقيق، وتفكيره العميق، وأفقه الواسع، ودراساته الفقهية
المقارنة، المقربة للبعيد، والمؤنسة للغريب، التي تقتنص أوابد الفقه
فتجعلها ذللاً قريبة مألوفة، بينة مكشوفة، ولقد كان رحمه اللّه أوّلَ من
خرج بالفقه عن نطاق الفقهاء الأربعة، فدرس مع مذاهبهم مذاهب الشيعة
الإمامية، والزيدية، والإباضية، والظاهرية، فكشف بهذه الدراسة
ينابيع الفقه في مختلف اتجاهاته ونواحيه، فجزاه اللّه عن الفقه الإسلامي
خيرأ.
وتذكرت المفسر العميق الأستاذ حسن منصور، تذكرته بسمته الجليل
الرائع، تذكرت صوته العميق في درسه وعباراته الأنيقة والفاظه المنتقاة،
واسلوبه الكلامي. وتذكرت الأستاذ عبد الوهاب خير الدين، الأديب
المفسر الذي كان يذوق الألفاظ والمعاني بذوقه البياني المرهف، كما
يذوق الطاعم المطعومات والمشروبات. . تذكرت وقاره، وقوة إيمانه
باللّه وبرسوله الحق، تذكرت حماسته وحرارته في درسه، وصوته القوي
المتهدج الذي يصل إلى اعماق النفس، وتذكرت تلاوته المستمرة للقرآن
كلّما أحسّ بفراغ، حتى إنه ليتخذ منه انيساً مذكرأ، محدثاً عن اللّه جلَّ
جلالى! ىديظ وكلامه. وتذكرت الاستاذ محمد عفيفي في عمق فقهه،
وإصابة نظره، وحسن توجيهه وذكائه والمعيته " (1).
د - التدريس في كلية الحقوق: في اثناء وجود الشيخ أحمد إبراهيم
في مدرسة الحقولتى الخديوية قررت الحكومة المصرية
سنة (345 أهـ=1925 م) إنشاء الجامعة المصرية (2)، وكانت كلية
(1)
(2)
تقديم أبو زهرة لكتاب المصلحة لمصطفى زيد ص: 6 - 8.
الجامعة المصرية أطلق عليها فيما بعد جامعة فؤاد الأول، ثم جامعة
القاهرة، واستقر اسمها على الأخير، وهو الذي سنستخدمه في بحثنا
هذا. قلت: أنشئت الجامعة جإمعة أهلية عام 1908 م وتحولت إلى-
41

الصفحة 41