كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

وحينما رُدِّدَتِ شبهة ميراث المراة وأئها على النصف من ميراث
الرجل وجه الكلام إلى من يثيرونها من غير المسلمين: "إنَّ مسألة
الميراث ونحوها من الاحكام الشرعية هي من مسائل فروع الشريعة،
ولا شأن لغير المسلمين بالكلام في ذلك؟ لأئهم لا يؤمنون بالأصل فما
بالهم يتحككون بالفرع. فعليهم اولاً أن يؤمنوا بالدين الإسلامي. وطريقُ
الإيمان به معروف، وميسر لمن يريده، ويوفّقه اللّه له، ثم بعدَ ذلك
يلتمسون حكمة الشرع في أحكامه التي جاء بها، وليس لأي أحد حق في
أن ينتقدَ نظام بيتي، وهو أجنبي عنه ما لم يتسرّف بدخوله، وواجب
اللياقة والذوق والأدب يحتم على هؤلاء الا يعرضوا لشؤون دين غيرهم
ما دام غيرُهم لا يعرض لهم في شؤون دينهم، اللهم إذا كان هناك حيلة
مدبرة - كما يقولون - يريدون بها زعزعة اركان الإسلام، وهدم بنائه
الذي هو أثبتُ من الجبال الرواسخ، لمارب شتى لهم في ذلك.
فإذا كان الامر كذلك فليعلم هؤلاء المساكين المغرورين أن وراء
الإسلام حُماته الأقوياء: بإيمانهم، وغيرتهم على دينهم، وتفانيهم في
الذود عنه، الأشداء على اعدائهم بحججهم وبراهينهم، ومن ورائهم
ربُّ هذا الدين، الذي انزله بالحق وبالحق نزل، الذين يريدون أ ن
يطفئوا نور اللّه بأفواههم وأقوالهم التي كُلُّها هذيان وهراء "وَأدلَّهُ مُغُّ لؤُرِهِ
وَلَؤ-5َ البهَفِرُونَ "] الصف: 8)، وكفى بالإسلام فخراَّ وَشرفاًانه حرر
نفوس البشر من أن يستعبدَها أمثالها من نفوس البشر، فتتصرف فيها،
كما يتصرف التاجر في أمتعته، واطلق العقولَ مما كانت مكبّلةً به من
القيود حتى أصبج العقل الإنساني طليقاً حراً يتوجّه كيف شاء، لا سلطان
لأحد عليه إلا سلطان الحق الذي يؤدي إليه البرهان القاطع باقتناع العقل
نفسه، لا ب! لزام غيره به إلزاماً ولو كان الباطل، كما كان عليه الحال من
قبلُ، ولا يزالُ ماثلاً أمام أعييننا عند طوائف كثيرة جداً من غير المسلمين
إلى الاَن. ومنهم من يريد أن يصدّنا عن حقنا إلى باطلهم، وهذا هو
الخسران المبين، والخذلان العظيم.

الصفحة 60