كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

وكان رحمه اللّه ملمّاً باحداث عصره، يعي ما يدور حوله، ويطالع
ما يجدُّ من القوانين والنظريات الاجتماعية والاقتصادية، وما يصدرُ من
فتاوى؟ ومايُلقى في المجتمع من شبهاتٍ، ويتصدّى لكلِّ ذلك بالبيان
والتوضيح والتصويب والردّ المفحم لاضحاب النوايا السيئة، وهو باحثٌ
جيد، يدقِّق ويحرّر، ولم يدع مجهودأ في بحث فقهي إلا بذله،
ولا كتاباً معروفاً في الفقه إلاَّ درسه.
وهو يحترم تخصص الاَخرين، فيحيل عليهم القضايا المتعلقة
بتخصصهم لفهم القضية، ويستعينُ بأهل الخبرة في ذلك. ففي مدّة
الحمل التي يقضيها الجنينُ في بطن امه قال بعد أن اوردَ أقوال الفقهاء:
"ولاشك أنَّ المرجعَ في مثل هذا ينبغي آن يكون إلى الأطباء. ولو ثبت
عن رسول اللّه ع! ي! في ذلك شيء لاخذ به جمهورُ أئمة الشريعة، ولم
يركنوا إلى أقوال العامة في ذلك نساءً ورجالاً" (1).
وهو يراعي مقاصدَ الشريعة الإسلامية، وبخاصة في المعاملات التي
جاءت أحكامها في القرآن والسنة مجملةً، وعلى شكل مبادئ كلية
وقواعد عامةْ، حيث قال: "وأما المعاملات التي تتعلّق بشؤون الناس في
أمور معايشهم في الحياة الدنيا، وعلاقات بعضهم ببعض، وسائر
ارتباطاتهم في معاملاتهم القانونية، فأساسها المصالحُ المرسلةُ المبنيّةُ
على قوله عصَي!: "لاضررَ ولا ضرار" (2). أو رعاية المصلحة، ومصالح
المكلفين في حقوقهم التي منحها اللّه إياهم فضلاً منه ونعمة عليهم " (3).
وفي ترجيحه لحرمان الابن من الميراث إذا شارك في القتل بالرأي
والتدبير دون التنفيذ بنى ذلك على رعاية المصلحة للعباد التي قررها اللّه
تعالى في شريعته حيث قال: "إلىَّ اللّه تعالى رؤوف رحيم بعباده، حكيمٌ
(1)
(2)
(3)
مجموعة أحكام الأحوال الشرعية ص: 541.
مسند الإمام أحمد بن حنبل رقم (2867).
الإلتزامات في الشرع الإسلامي ص: ه.
88

الصفحة 88