كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

فأقضيةُ الصحابة وفتاواهم وكذا اقوال كبار التابعين أشبه شيء عندنا
الاَن بأحكام محكمة النقض (التمييز) والدوائر المجتمعة وأقوال الشراح
المعتبرين، ليس شيءٌ من ذلك في قوة نص القانون، ولكن له قوة
الترجيج بعد إنعام النظر" (1).
ثالثاً - الاستعانة بأقوال السلف الصالح من التابعين والأئمة
المجتهدين:
يعتبر الشيخ احمد إبراهيم رحمه اللّه ما تركه أسلافنا من الفقهاء تراثاً
عظيماً، وكنوزاً ثمينة، يمكن الاختيار منه ما يصلح لزماننا، وفيه الغَناء
لنا، وإنَّ من الجهل أن نمدَّ أيدينا إلى غيرنا من الامم الأجنبية نقتبسُ
منهم، وعندنا ماهو خير مما عندهم بكثير، كما قال: "فقد ترك لنا
أسلافنا من الفقهاء تراثاً عظيماً، وكنوزاً ثمينة، نتيجة مناظراتهم وفتاويهم
وأقضيتهم ونتاج أفكارهم ما نُغْبَطُ عليه، وفيه الغناء لنا، وإنَّ من الجهل
به أن نمد أيدينا إلى غيرنا من الأجانب، نقتبس منهم، وعندنا ما هو
خير مما عندهم بكثير، كما يطهر ذلك بالمقارنة. وقد شهد بذلك العلماء
المنصفون " (2). لكن هذا التراث لا يؤخذ على علاته، وإئما ينبغي أ ن
ينقّى من التخيّلات والافتراضات التي لا تقبلها العقول السليمة فقال: "غير
أني لاأتركُ فقهاءنا من المؤاخذة باشتغالهم بما كان لاينبغي لهم أ ن
ينتفعوا به، ولا أن يضيعوا شيئاً من الوقت فيه من البحوث التافهة،
والجدل في المسائل التي ما كانت لتخطر ببال أحد من الناس لولا أنَّهم
هم الذين أخطروها بتخيلاتهم بما يترفّع عنه الشرع الحكيم. ومن أمثال
ذلك ما يقولونه فيما يقع به الطلاق من الألفاظ: رأسُك طالق، ووجهك
طالق، ثلثك طالق، أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة، وأنت طالق طلقة
كالجبل، وانتِ طالق طلقة كالسمسمة. بل كان الواجب أن يكون الفقه
(1)
(2)
علم أصول الفقه لاحمد إبراهيم ص: 85 - 86.
الإلتزامات في الشرع الإسلامي لأحمد إبراهيم ص: 13.
92

الصفحة 92