كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

الاَخر، ونصوص الشريعة عامها وخاصها أصدق شاهد على ذلك" (1).
وهو بذلك يسلكُ مسلك نجم الدين الطوفي (716 هـ) الذي تبنّى
رعاية المصلحة، وتقديمَها على النص والإجماع عند التعارض، حيث
قال بتقديم رعاية المصلحة على النصّ والإجماع عند المخالفة (التعارض)
وتقديمها عليهما إنما هو بطريق التخصيص والبيان، لا بطريق الافتيات
عليهما. وحمل هذا على الأحكام الدنيوية من المعاملات والأقضية
والسياسات والامور الإدارية وما يتصل بذلك. وأما العبادات والمقدّرات
الشرعية: كالكفارات فإثها بمعزل من ذلك؟ لأن العبادة دلّه، وله وحده
أن يتعبّد خلقه بما شاء (2).
والحقيقة إنَّ تقديم المصلحة المبنية على العقل وحده لاعلى النص
والإجماع غير مسلم، لأن العقل لا يستقل بإدراك المصالح والمفاسد دون
الاهتداء بالنصوص الشرعية. ولأن العقول قد تختلف اختلافأ كبيرأ في
تقدير المصالح والمفاسد، ولاعاصم لها من هذا الاختلاف إلا
بالنصوص الشرعية. وهذا الاختلاف مما يؤدي إلى الفوضى التشريعية،
وعدم وجود مرجعية ثابتة في معرفة المصالح والمفاسد. فتراعى المصلحة
في إطار النصوص الشرعية، وما أجمعت عليه الأمة (3).
خامساً - الاجتهاد فيما لا نص فيه:
إذا لم يوجد في القضية المعروضة نصٌّ من الكتاب أو السنة ا و
(1)
(2)
(3)
الإلتزامات في الشرع الإسلامي لأحمد إبراهيم ص: 12 - 13.
مصادر الفقه الإسلامي لأحمد إبراهيم، مجلة القانون والاقتصاد،
س (1) (1931 م) ع (2)، ص: 209.
لتفصيل ذلك يرجع إلى كتاب "ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية"
للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ص: 143 وما بعدها، و"نظرية
المصلحة في الفقه الإسلامي " للدكتور حسين حامد حسان ص: 529
وما بعدهإ.
95

الصفحة 95