كتاب أحمد إبراهيم بيك فقيه العصر ومجدد ثوب الفكر في مصر

الإجماع، فإنّه يصار إلى الاجتهاد بالرأي، وهذا النوع من القضايا كثير
جداً، لأنَّ نصوص الشرع متناهية، والحوادث غير متناهية. وهذا
الاجتهاد ينبغي ان لا ينطلقَ من فراغ، وإنَّما يكون مبنياً على نصوص
الشريعة العامّة والخاصة، فتجعل تلك النصوص المنار الذي يهتدي به
المجتهد في اجتهاده. قال: "حكمُ ما لا نصَّ عليه مباشرة يؤخذ بطريق
الاستنباط والاجتهاد، على ما أسلفنا من معاني النصوص وأحكامها
الشاملة، وإن في عمومات الكتاب والسنة ومطلقاتها وخصوص نصوصها
ما يكفي للقيام بذلك.
واعلى أنواع الاستنباط والاجتهاد هو القياسُ، لانضباط قواعد 5 إذا
كان قياساً منصوصاً على علته، أو مقطوعاً فيه بنفي الفاردتى، وغيرُ ذلك
محلُّ نظر وتردد، وسالِكُه عرضةٌ لا! تزلَّ قدمُه.
والاجتهادُ يكون أيضاً بالتمسّك بالبراءة الأصلية، وبأصالة الإباحة في
التمتع والانتفاع بما في الأرض جميعاً، والتمسّك بالمصالج في الشؤون
الدنيوية، وكذا بالتمسك بالاحتياط وسدّ الذرائع.
وبالجملة فطرقُ الاجتهاد كثيرةٌ، وعموماتُ النصوص وخصوصاتها
تأذَنُ بما هو صالح، يجلب منفعة، أو يدفع مفسدة، بشرط ألا يخرجَ
عن محيط النصوص. وهذا أمرٌ عطيم جداً يعوزه الفهم الصحيج
للنصوص، وإخلاص العمل للّه، وتوفيق اللّه وهدايته " (1).
وليس الاجتهادُ بأمر يسوغ لكل واحدٍ من الناس أن ينتحله لنفسهِ، أ و
يحدِّث نفسه بسلوك سبيله دون أن يتخذ له عدته. ومن ذلك آن يعرف
نصوص القران الكريم من حيث اللغة والشريعة: ففي اللغة لا بدَّ أن يعرف
معاني المفردات والعبارات وأساليبَ البيان، وفي الشريعة لا بد أن يعرفَ
المعاني المؤثرة في الأحكام مثل: علة الحكم، حتى يستطيع تعديته إلى
غير المنصوص عليه، وأقسام الحكم من خاص، وعام، ومشترك،
(1)
علم أصول الفقه لأحمد إبراهيم ص: 93 - 94.
96

الصفحة 96