كتاب محمد صالح العثيمين العالم القدوة المربي والشيخ الزاهد الورع

7 - جوده وكرمهْ أما حكايات جوده وكرمه، فإنَّ فيها العجب
العجاب:
فها هو الأستاذ وليد الحسين أحدُ تلاميذه المقرَّبين يقول: لقد لمستُ
حرصَ الشيخ على طلابه منذ بداية ملازمتي له، وذلك عندما قصدتُ هذه
البلاد قبل ثلاث عشرة سنة، وقد صحبتُ معي القليلَ من المال فنفد،
ولم يبقَ عندي منه شيءٌ، فصبَّرتُ نفسي، وايقنتُ أنَّ اللّه سيفرِّج هذا
الضيق.
حتى إذا مضت أسابيعُ، وانا أعيشُ هذا الضيق، فإذا بالشيخ يناديني
بعد صلاة الفجر، وبيده مبلغٌ من المال ليس بالقليل، ويعلمُ اللّه انني لم
أشْكُ له حالي، ولكنَّه الفرجُ من اللّه.
وبعد مدة من الزمن نَفِدَ ما عندي من المال، فخشيتُ أن أكونَ قد
احرجتُ الشيخ في مساعدته لي، أو يظن أنني لازمته من أجل المال،
فقررتُ أنْ أرحلَ، وأجمعَ مالاً أتقوَّى به على طلبِ العلمِ، فرحلتُ إلى
الدمَّام - حيث معارفي - وتركتُ رسالةً للشيخ بيَّنتُ فيها سببَ ارتحالي،
فساءه ذلك جداً، وحاولَ أن يتعرَّفَ إلى عنواني، فتيسر له الحصولُ عليه
وعلى رقم هاتفي، واتَّصل بي هاتفياً، والزمني بالرجوع، وألَجَّ عليَّ،
فأجبتُه إلى طلبه، وانا في حرجٍ، واستأنفتُ ملازمتي له.
وكان -رحمه اللّه - لا يبخلُ عليَّ وعلى زملائي من المغتربين بالإنفاق
علينا، ومتابعة أحوالنا، وتذليل الصعاب التي تواجهنا (1) 0
ومن ذلك أنَّ الشيخ -رحمه اللّه - كان يتكفَّلُ بنفقات طلبة العلم الذين
جاءوا! نهلوا من علمه، وقد كان الطلبةُ الذين يكفلهم ينقسمون إلى
قسمين: قسم للعائلات وقسم للعزَّاب. . وقسم ثالث يقومُ الشيخ بدفع
(1) "مجلة الحكمة " عدد 2، ص 47.
48

الصفحة 48