كتاب محمد صالح العثيمين العالم القدوة المربي والشيخ الزاهد الورع

لمناصرةِ الأقليات المسلمة، وقضايا المسلمين عامة.
وفي أوائل الجهاد في الشيشان كان الشيخ -رحمه اللّه- قد خصَّ
المجاهدين بدروس في المسجد الحرام في العشر الأواخر منه، وانهى
كلمته بدعاء بليغ بأن ينصرَهم اللّه، ويثبِّتَ اقدامهم.
ومن ذلك انَّه عُرِضَ عليه فلمٌ عن احوال المسلمين في الشيشان، فتأثَّر
وبكى، وخطب خطبةً عصماءَ سمعها الجميع، وكان على اتصالٍ هاتفي
دائم ومستمر وشبه يومي بهم، خاصة في أوقات الأزمات والشدائد.
وكان -رحمه اللّه - متابعاً لأحداث فلسطين، ومَنْ قرا في كتابه "الضياء
اللامع من الخطب الجوامع " عرفَ اهتمامَ الشيخ بالقضية من بدايتها،
ولَمَّا عَلِمَ بأحداث فلسطين الأخيرة وهو على فراش المرض تأثر كثيراً،
وتحسَّر حتَّى أَشْفَقَ عليه من عنده.
وله الموقف نفسه في نصرة الجهاد في بقاع العالم الإسلامي عامة (1).
مرضه:
اُصيب الشيخ -رحمه اللّه- بمرض السرطان، ولم يُكتشف هذا
المرض إلا في مرحلة متأخرة، كما يقول أخو 5 الدكتور عبد اللّه، فقد
اُجريت للشيخ رحمه اللّه فحوصاتٌ مخبرية، فوجد الأطباءُ انَّ مرض
السرطان قد انتشر في جسم الشيخ كله، فلم يخبرو 5 بذلك، واحسَّ
الشيخ انَّ في الأمر شيئأ، فألَحَّ على الأطباء ان يخبروه، وبعد إلحاح
شديد من الشيخ اخبره الأطباءُ بالمرض، فتبسّمَ الشيخُ -رحمه اللّه - عند
إخباره وحَمِدَ اللّه، وأثنى عليه، ثم قال كلمات ممتَبُ بِماء الذهب:
"إنَّ الإنسانَ المؤمنَ إذا قامَ بطاعةِ اللّه، وَفَعَلَ أوامره، واجتنبَ
(1)
انظر في هذا الجانب: محمد بن عبد اللّه السيف، مجلة البيان، عدد
160، ص 60 - 61.
53

الصفحة 53