كتاب محمد صالح العثيمين العالم القدوة المربي والشيخ الزاهد الورع

نواهيه، فإنَّه لا يرجو بذلك إلا رحمةَ اللّه ودخوله الجنة، ولا يمكِنُ آ ن
يصلَ الإنسانُ إلى الجنة إلا بالموت. إذَن، كان الموتُ هو الذي يحول
بيننا وبين الجنة ".
وهذ 5 الكلماتُ تدلُّ على قوة يقين الشيخ، وحسن ظنّه باللّه
عزَّ وجلَّ (1).
ولعلَّ مشاغل الشيخ وكثرةَ عطائه، وانهماكه في تعليم الناس
وتوجيههم، أسهم في نسيان الشيخ نفسَه، فاكتُشِفَ المرضُ في مرحلة
متأخرة، وهكذا العُظماء من الرجال، ينيرون للأجيال الطريق وهم
يقاسون الأخطار والأضرار.
وبعد اكتشاف المرض قام وُلاةُ الأمر، جزاهم اللّه خيراً، بتهيعة
الأجواء العلاجية للشيخ لمعالجة هذا المرض، فسافر الشيخ -رحمه اللّه-
صيف عام 421 اهإلى أمريكة لأول مرة، وكانت له مواقفُ دعوية
مشهودة هناك، ورجع ليستكمل علاجه داخل السعودية، واستمرَّ على
عطائه، وبذله ونفعه للناس.
ولم يرفض الشيخ -رحمه اللّه - العلاج الكيماوي في اثناء مرضه كما
أُشيع عنه، هانما كان ذلك هو ما استقرَّ عليه رأيُ الأطباء، لأنّ سلبيات
العلاج به أكثر من إيجابياته، ففضَّلوا عدم العلاج به، وقد قبل الشيخ
ما فضلو 5.
وحرص -رحمه الله - على استمرار درسه في المسجد الحرام، وهكذا
كان يعظُ الناسَ ويذكّرهم ويرشدهم، ويجيب على أسئلتهم حتى آخر ليلة
من رمضان، وكانت كلماتُهُ تشعِرُ بالتوديع، وقلوب المسلمين وأفئدتُهم
تلهجُ بالتضرّع إلى اللّه جلَّ وعلا دعاءً ووفاءً ومحبة للشيخ، ولكنَّ قدرَ اللّه
نافذٌ.
(1)
ا لد عوة: ا لعدد: 6 77 1، ص 4 1.

الصفحة 54