كتاب محمد صالح العثيمين العالم القدوة المربي والشيخ الزاهد الورع

وأيُّ رفعةٍ بعدَ رفعةِ اللّه، وأيُّ منْزلةٍ تضاهيها، او اي رتبة تدانيها؟!.
ومن رفعه اللّه فلا خافض له، ومن أعزّ 5 اللّه فلا مذلَّ له، وليس العالم
هو مَنْ يستظهر المتونَ في كلِّ علم، أو يجيدُ النظم في كلِّ فن، هانَّما
العالم مَنْ كان ربانيأ، قافماً دلّه قلبأ وقالباً، جوهراً ومعنى، كمّا وكيفاً،
مصداقأ لقوله تعا لى: "! لَبهِن كوُلُؤا رَثنِتنَ بِمَاكنُتُض تُحَدُّونَ أتكِنبَ وَبِمَاكنُتُص
تَذرُسُونَ" أآل عمران:! َ7).
والعلماءُ زينةُ الأرض، وهم رجومُ الثياطين -الذين يخلطون الحقَّ
بالباطل، والذين يُدْخِلون في الدين ما ليس فيه - هانَّما مَثَلُ العالِمِ كمَثَلِ
الماء والغيثِ، فإنَ انتفاعَ الناس بهما غيرُ محدوب بحد.
وكما قال ميمون بن مهران رحمه اللّه: إنَّ مثلَ العالمِ في البلدِ كمثلِ
عيني عذبؤ في البلدِ.
بل قال بعض الحكماء: مثَلُ العلماءَ مثلُ الماء، حيث ماسقطوا
نفعوا، وليس للناس عِوَض! البتةَ عن العلماء، إلا أن يكونَ لهم عِوَضٌ عن
الشمس، والعافية للأبدان.
والعلماء ورثةُ الأنبياء، وقدوةُ الصلحاء، هم في الأرض كالنجوم في
السماء، والضياء في الظلماء، والدواء للداء، يدعون مَنْ ضلَّ إلى
الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب اللّه الموتى، هم
خيرُ الناس للناس، وأرحمُ الناس بالناس، قد رفع اللّه لهم قدرأ، وأعظم
لهم أجراً، ونشر لهم ذكرأ.
حياةُ العالم حياب! للأمة، وبقاءٌ لها، وعز لسلطانها، وسيادةٌ
لحضارتها، ورفعةٌ لشأنها، وإعلاءٌ لمكانتها، هانَ فَقْدَ العالِمِ رزيةٌ،
وموتَ الفقيه بلية، فإذا رحل عن الدنيا عالم عامل فقد جُرِحت الأمةُ في
قلبها، وأصيبت في مقتلها؟ ففد جاء عَنْ عَبْدِ اللهِبْنِ عَمْرِو بْنِ

الصفحة 6