كتاب محمد صالح العثيمين العالم القدوة المربي والشيخ الزاهد الورع

7 - الخلاف بين العلماء: اسبابه، وموقفنا منه
الخلاف في الاجتهاد في مسائل الفقه بين علماء الإسلام قديمٌ قِدَم
الإسلام نفسه " إذ وقع ذلك بين الصحابة رضوان اللّه عليهم. ولكنَّ هذا
الخلاف لم يؤدِّ إلى اختلافِ قلوبهم. وفي ذلك يقول السيوطي -رحمه
اللّه -: "وقد وقع الخلافُ في الفروع بين الصحابة رضي اللّه عنهم، وهم
خيْرُ الامةِ، فما خاصمَ احدٌ منهم احداً، ولا عادى أحا أحداً، ولا نسب
احد احداً إلى خطأ ولا قصور" (1).
إلا أنَّ الخلافَ قد كثر في زماننا هذا، لكثرة المتصدِّين للفتوى، ممَّن
يحسنها ومن لا يحسنها، حتى اصبح الخلافُ بين قول فلان وفلان مصدَر
تشويش، بل تشكيك عند كثير من الناس، لا سيّما من العامة الذين
لا يعرفون مصادر الخلاف.
ومن هذا المنطق، فقد تصدى الشيخ -رحمه اللّه - لهذ 5 المسألة؟ الا
وهي مسألة الخلاف بين العلماء، مبيّناً أسبابها، وموقف العلماء
الربانيين الثقات منها. مؤكداً ما قاله السيوطي -رحمه اللّه -من "انَّ الخلافَ
بينها لم يكن في أصولِ دينها ومصادره الأصيلة، وإنَّما كان الخلافُ في
آشياءَ لا تصسّ وحدةَ المسلمين الحقيقية، وهو آمر لا بدَّ أن يكون ".
كما يضع -رحمه اللّه - قاعدةً في غاية الأهمية، تبعدُ الشكَّ وسوءَ
الظن عن علماء الأمة في اجتهادهم في مسائل فروع الفقه، واختلافهم
فيها، إذ يقول:
"ونحن جميعاً نعلم علم اليقين آَنه لايوجدُ أحد من ذوي العلم
الموثوق بعلمهم وأمانتهم ودينهم يخالف ما دلَّ عليه كتابُ اللّه وسُنَّة
(1) جزيل المواهب باختلاف المذاهب، للسيوطي، ص 22، بتحفيقي.
96

الصفحة 96