كتاب الغناء والمعازف في ضوء الكتاب والسنة وآثار الصحابة - رضي الله عنهم -

((وهذا الذي قاله القرطبي كلام حسن، وبه تجتمع الآثار الواردة في هذا الباب)) (¬1).

3 - وقال اللَّه تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} (¬2).
قال الإمام الطبري رحمه الله: ((أفمن هذا القرآن أيها الناس تعجبون، أنْ نَزَلَ على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتضحكون منه استهزاءً به، ولا تبكون مما فيه من الوعيد لأهل معاصي اللَّه، وأنتم من أهل معاصيه (وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ) يقول: وأنتم لاهون عما فيه من العِبر والذكر، معرضون عن آياته; يُقال للرجل: دعْ عنا سُمودَك، يُراد به: دَعْ عنَّا لهوك، يقال منه: سَمَدَ فلان يَسْمُد سُمُوداً.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنه، فقال بعضهم: غافلون، وقال بعضهم: مُغنّون ... )) (¬3).
وقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ}، قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ((هو الغناء، وهي يمانية: يقولون: اسمد لنا: تغَنَّ لنا))، وفي رواية عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: ((السامدون: المغنُّون بالحميرية))، وكذا قال عكرمة، وقال الضحاك: ((السمود: اللهو واللعب)) (¬4).
¬_________
(¬1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لابن باز، 21/ 110 - 111.
(¬2) سورة النجم، الآيات: 59 - 61.
(¬3) جامع البيان، 22/ 559.
(¬4) جامع البيان،22/ 560 - 561، بأسانيده المتصلة، وانظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير،13/ 284.

الصفحة 18