كتاب الغناء والمعازف في ضوء الكتاب والسنة وآثار الصحابة - رضي الله عنهم -

الشبَّابات، والطار، والمعازف، والأوتار فحرام ... )) (¬1).
قال شيخنا الإمام ابن باز رحمه اللَّه على كلام القرطبي هذا: ((وهذا الذي قاله القرطبي كلام حسن، وبه تجتمع الآثار الواردة في هذا الباب، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: ((دخل عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحوَّل وجهه، ودخل أبو بكر - رضي الله عنه -، فانتهرني، وقال: مزمار الشيطان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأقبل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((دعهما))، فلما غفل غمزتهما فخرجتا (¬2)، وفي رواية لمسلم: ((فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا)) (¬3)، وفي رواية له أخرى: فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد)) (¬4)، وفي بعض رواياته أيضاً: ((جاريتان تلعبان بدف)) (¬5)، فهذا الحديث الجليل يستفاد منه أن كراهة الغناء وإنكاره، وتسميته مزمار الشيطان، أمر معروف مستقر عند الصحابة - رضي الله عنهم -؛ ولهذا أنكر الصديق على عائشة غناء الجاريتين عندها، وسمّاه مزمار الشيطان، ولم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك التسمية، ولم يقل له: إن الغناء والدف
¬_________
(¬1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، 14/ 57.
(¬2) البخاري، كتاب الجمعة، باب الحراب والدرق يوم العيد، برقم 950، ومسلم، كتاب صلاة العيدين، باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد، برقم 892.
(¬3) البخاري، برقم 952، ومسلم، برقم 892، وتقدم تخريجه.
(¬4) البخاري، برقم 988، ومسلم، برقم 892، وتقدم تخريجه.
(¬5) مسلم، برقم 992، وتقدم تخريجه.

الصفحة 73