كتاب الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة

الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} (¬1).

ثالثاً: أمثلة الحلم:
المثال الأول: مع من قال هذه قسمة ما عُدِلَ فيها:
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما كان يوم حنينٍ آثر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أُناساً في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أُناساً من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة، قال رجل: واللَّه إن هذه القسمة ما عُدِلَ فيها، وما أُريدَ بها وجه اللَّه، فقلت: واللَّه لأُخبرنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته فأخبرته، فقال: ((فمن يعدلْ إذا لم يعدلِ اللَّه ورسولُه؟! رحم اللَّه موسى فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر)) (¬2).
وهذا من أعظم مظاهر الحلم في الدعوة إلى اللَّه - تعالى - وقد اقتضت حكمة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقسم الغنائم بين هؤلاء المؤلفة قلوبهم، ويوكِّل من قلبه ممتلئ بالإيمان إلى إيمانه (¬3).

المثال الثاني: مع من قال: كنا أحقَّ بهذا:
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال بعث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إلى رسول اللَّه من اليمن بذهيبة (¬4) في أديم مقروظ (¬5) لم تُحصِّل من
¬_________
(¬1) سورة آل عمران، الآية: 159.
(¬2) البخاري بلفظه، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس، برقم 2981، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه، برقم 1062.
(¬3) انظر: فتح الباري، شرح صحيح البخاري، 8/ 49.
(¬4) أي: ذهب. انظر: فتح الباري، 8/ 68.
(¬5) مدبوغ بالقرظ. انظر: فتح الباري، 8/ 68.

الصفحة 107