كتاب الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة

على يديه خلق كثير، ثم قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر، فدخل المدينة بثمانين أو تسعين بيتاً من دوس، ثم لحقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، فأسهم لهم مع المسلمين (¬1).
اللَّه أكبر! ما أعظمها من حكمة أسلم بسببها ثمانون أو تسعون أسرة.
وهذا مما يوجب على الدعاة إلى اللَّه - عز وجل - العناية بالحلم في دعوتهم، ولا يحصل لهم ذلك إلا بفضل اللَّه ثم معرفة هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوته.

المثال الرابع: مع من أراد قتل النبي - صلى الله عليه وسلم -:
روى البخاري ومسلم، عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: غزونا مع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نجد (¬2)، فأدركنا رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في وادٍ كثير العضاه، فنزل رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة، فعلّق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلّون بالشجر، قال: فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: ((إن رجلاً أتاني وأنا نائم، فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتاً (¬3) في يده، فقال لي: من يمنعنك مني؟ قال: قلت: اللَّه، ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال: قلت: اللَّه، قال: فشام (¬4) السيف، فها هو ذا جالس))، ثم لم يعرض له رسول
¬_________
(¬1) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 1/ 346،وزاد المعاد، 3/ 626،والإصابة في تمييز الصحابة، 2/ 225.
(¬2) وقع في رواية البخاري التصريح باسمها ((ذات الرقاع))، انظر: البخاري مع الفتح، 7/ 426.
(¬3) والسيف صلتاً: أي مسلولاً. انظر: شرح النووي، 15/ 45.
(¬4) شام السيف: أي رده في غمده. انظر: المرجع السابق، 15/ 45.

الصفحة 110