لَعَّاناً وإنما بُعِثْتُ رحمةً» (¬1).
وحديث حذيفة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أيُّما رجل من أمتي سببته سبةً أو لعنته لعنةً في غضبي؛ فإنما أنا من ولد آدم، أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة» (¬2).
وجاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنما أنا رحمةٌ مهداةٌ» (¬3).
وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «أنا محمد، وأحمد، والمُقَفِّي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة» (¬4).
ثانياً: الأمثلة التطبيقية وأنواعها:
النوع الأول: رحمته - صلى الله عليه وسلم - لأعدائه:
المثال الأول: رحمته - صلى الله عليه وسلم - لأعدائه في الجهاد:
وقد شملت رحمته - صلى الله عليه وسلم - الأعداء حتى في قتالهم ومجاهدتهم؛ فإن قوة الجهاد في سبيل اللَّه تعالى في شريعته - صلى الله عليه وسلم - لها ضوابط ينبغي أن
¬_________
(¬1) مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن لعن الدواب وغيرها، برقم 2599.
(¬2) أبو داود، كتاب السنة، باب النهي عن سب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، برقم 4659، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 3/ 134.
(¬3) رواه ابن سعد، 1/ 192، وابن أبي شيبة 11/ 504، والحاكم، 1/ 35، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة بطرقه، برقم 490.
(¬4) مسلم، كتاب الفضائل، باب في أسمائه - صلى الله عليه وسلم -، برقم 2355.
يلتزم بها المجاهدون في سبيل اللَّه – تعالى – ومن ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (¬1)، فيدخل في ذلك ارتكاب المناهي: من المثلة، والغلول، وقتل النساء، والصبيان، والشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال، والرُّهبان، والمرضى، والعُمي، وأصحاب الصّوامع؛ لكن من قاتل من هؤلاء أو استعان الكفّار برأيه قتل (¬2).
ويدخل في ذلك قتل الحيوان لغير مصلحة، وتحريق الأشجار، وإفساد الزّروع والثّمار، والمياه، وتلويث الآبار، وهدم البيوت (¬3)، وقد «وُجدت امرأةٌ مقتولة في بعض مغازي رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فنهى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان» (¬4)؛ ولهذا كان - صلى الله عليه وسلم - إذا أمَّر أميراً على جيش أوسريّة أوصاه في خاصته بتقوى اللَّه ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: «اغزوا بسم اللَّه في سبيل اللَّه، قاتلوا من كفر باللَّه، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تُمثّلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ... » (¬5)، ثم بيّنها - صلى الله عليه وسلم - كالآتي:
(أ) الإسلام والهجرة، أو إلى الإسلام دون الهجرة، ويكونون كأعراب المسلمين.
(ب) فإن أبوا الإسلام دعاهم إلى بذل الجزية.
¬_________
(¬1) سورة البقرة، الآية: 190.
(¬2) انظر: المغني لابن قدامة 13/ 175 - 179.
(¬3) انظر: تفسير ابن كثير 1/ 227 وعناصر القوة في الإسلام ص212.
(¬4) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب قتل الصبيان في الحرب، برقم 3014، ورقم 3015.
(¬5) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث 3/ 1357، برقم 1731.