كتاب الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة

باب المداعبة وحسن الخلق (¬1).

المثال الثاني: ملاطفته ومداعبته - صلى الله عليه وسلم - لجملة من الأطفال:
عن جابر بن سَمُرة - رضي الله عنه -، قال: ((صليتُ مع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - صلاة الأُولى ثم خرج إلى أهله وخرجتُ معه، فاستقبلهُ وِلدانٌ فجعل يمسح خدَّيْ أحدهم واحداً واحداً، قال: وأما أنا فمسح خدَّيَّ فوجدت لِيَدِهِ برداً أو ريحاً، كأنما أخرجها من جؤنة عطّار)) (¬2)، والجؤنة: السفط الذي فيه متاع العطار.

المثال الثالث: ملاطفته - صلى الله عليه وسلم - الحسن والحسين في مواقف كثيرة:
1 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قبَّل رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن عليٍّ وعنده الأقرع بن حابسٍ التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحداً، فنظر إليه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «من لا يَرْحم لا يُرحم» (¬3).
2 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت: جاء أعرابيٌّ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: تُقَبِّلون صبيانكم فما نُقَبِّلُهُم، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أن نَزَعَ اللهُ من قلبك الرحمة» (¬4)، والمعنى: لا أقدر أن أجعل الرحمة في قلبك بعد أن نزعها اللَّه منه (¬5).
¬_________
(¬1) سمعته منه أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 77.
(¬2) مسلم، كتاب الفضائل، باب طيب رائحة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولين مسه، والتبرك بمسحه، برقم 2329.
(¬3) البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، برقم 5997.
(¬4) البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، برقم 5998، ومسلم، كتاب الفضائل، باب رحمته - صلى الله عليه وسلم - الصبيان والعيال، وتواضعه، وفضل ذلك، برقم 2317.
(¬5) فتح الباري لابن حجر، 10/ 430.

الصفحة 171