كتاب الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة

الزكاة، وقد كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يسلك هذا المسلك، فيؤثر حديثي العهد بالإسلام بجانب من المال، إذا ظهر له أن الإيمان لم يرسخ؛ ولذلك أشار - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((إني لأعطي الرجل وغيره أحبُّ إليَّ منه خشية أن يُكبّ في النار على وجهه)) (¬1).
وقد كان يعطي النبي - صلى الله عليه وسلم - أشراف قريش وغيرهم من المؤلفة قلوبهم، لتلافي أحقادهم؛ ولأن الهدايا تجمع القلوب، وتجعل القلوب متهيئة للنظر في صدق الدعوة، وصحة العقيدة، والاستفادة من الآيات البيِّنات، والبراهين الواضحة (¬2).
وصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ((تهادوا تحابّوا)) (¬3).
وللتأليف بالمال أمثلة كثيرة من هديه - صلى الله عليه وسلم - (¬4).

الطريق الرابع: التأليف بالجاه من السياسة الحكيمة؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار حينما آثر عليهم غيرهم في العطاء: ((أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول اللَّه فواللَّه لما تنقلبون به خير ما ينقلبون به))، فقالوا: بلى يا رسول اللَّه قد رضينا (¬5).
¬_________
(¬1) البخاري بنحوه، كتاب الإيمان، باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، برقم 1408، ومسلم في الإيمان، باب تأليف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه، برقم 2480.
(¬2) انظر: هداية المرشدين، ص35.
(¬3) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، 6/ 169،والبخاري في الأدب المُفْرَد، ص208، برقم 594، قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير،3/ 70: ((إسناده حسن))،وانظر: إرواء الغليل، برقم 1601.
(¬4) انظر: صحيح مسلم، 4/ 1803 - 1806، وانظر أيضاً: البخاري مع الفتح، 3/ 135، 6/ 250، 11/ 258.
(¬5) البخاري، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم، برقم 2483، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم وتصبر من قوي إيمانه، برقم 2483.

الصفحة 93