كتاب المنهج العلمي لطلاب العلم الشرعي

قُدِّرَ لَهُ الخَلاصُ مِنْ ذَلِكَ، أخَذُوا يُلَقِّنُوْهُ مَتْنًا أو شرْحًا بِحَوَاشِيهِ وحَوَاشِي حَوَاشِيه، ويَحْشُرُوْنَ لَه خِلافَ العُلَمَاءِ، ويُشْغِلُوْنَه بكَلامِ مَنْ رَدَّ عَلَى القَائِلِ، ومَا أُجِيبَ بِه عَنِ الرَّدِّ!
ولا يَزَالُوْنَ يَضْرِبُوْنَ لَه عَلَى ذَلِكَ الوَتَرِ، حَتَّى يَرْتَكِزَ في ذِهْنِه أنَّ نَوَالَ هَذَا الفَنِّ مِنْ قَبِيلَ الصَّعْبِ الَّذِي لا يَصِلُ عَلَيه إلَّا مَنْ أُوْتِي الوَلايَةَ، وحَضَرَ مَجْلِسَ القُرَبِ والاخْتِصَاصِ، هَذَا إذَا كَانَ المُلَقِّنُ يَفْهَمُ ظَاهِرًا مِنْ عِبَارَاتِ المُصَنِّفينَ! " انْتَهَى.
* * *

فَلا يَضِيقُ صَدْرَكُ يا طَالِبَ العِلْمِ بِمَا هُنَا؛ فَكُلُّ مَا رَسَمْنَاهُ في (المَنْهَجِ العِلْمِي)، لَمْ يَكُنْ زَبَدًا يَقْذِفُه طَيشُ الفِكْرِ، أو رَذَاذَاتٍ يَلْفِظُها رَأسُ القَلَمِ ... بَلْ إنَّها مَعَالِمُ سَلَفيةٌ، وتجَارُبُ عِلْمِيَّة، قَدَ فَرَضَتْها الأمَانَةُ العِلْمِيَّةُ والنَّصِيحَةُ الأخَوِيَّةُ!
كَمَا قَالَه ابنُ بَدْرَانَ رَحِمَه اللهُ في "المَدْخَلِ" (491): "طُرُقُ التَّعْلِيمِ أمْر ذَوْقِيٌّ، وأمَانَةٌ مُوْدَعَةٌ عِنْدَ الأسَاتِذَةِ، فَمَنْ أدَّاهَا أُثِيبَ عَلَى أدَائِها، ومَنْ جَحَدَها كَانَ مُطَالَبًا بِهَا" انْتَهَى.

الصفحة 25