وقول الله عز وجل ( لا تُدْرِكُهُ الأَبصرُ وَهْوُ يُدْرِكُ الأَبصَرَ ) الأنعام 103 في الدنيا لأنه احتجب عز وجل عن جميع خلقه في الدنيا ويتجلى لهم يوم الحساب ويوم الجزاء والقصاص فيراه المؤمنون كما يرون القمر في ليلة البدر لا يختلفون فيه كما لا يختلفون في القمر ليلة البدر وقول موسى {صلى الله عليه وسلم} ( رَبِّ أَرِني أَنْظُر إلَيكَ قَالَ لَن تَرَنِي ) الأعراف 143 يعني في الدنيا وذلك أن موسى {صلى الله عليه وسلم} علم أن الله تبارك وتعالى يرى يوم القيامة فسأل الله عز وجل أن يعجل له في الدنيا ما أجله لأنبيائه وأوليائه يوم القيامة فقال ( لَن تَرَنِي ) يعني في الدنيا ( وَلكِن انظُرْ إلَى الجَبَلِ فَإِنِ استَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوفَ تَرَنِي ) الأعراف 143 أعلمه أن الجبل لا يقوم لتجليه حتى يصير دكا وأن الجبال إذا ضعفت عن احتمال ذلك فابن آدم أحرى أن يكون أضعف إلى أن يعطيه الله عز وجل يوم القيامة من النور ما يقوي به على النظر ويكشف عن بصره الغطاء الذي كان في الدنيا والله جل وعز يقول ( وُجُوهٌ يَومَئذٍ نَاضِرَة ٌ ( 22 ) إلى رَبِّهَا نَاظِرَة ٌ ( 23 ) ) القيامة 22 23 ويقول في سخطه عليهم ( كَلآ إِنَّهُم عَن رَّبِّهِم يَومَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ( 15 ) ثُمَّ إِنَّهُم لَصَالُوا الجَحِيم ( 16 ) ) المطففين 15 16 إنما في هذا القول دليل على أن الوجوه الناضرة هي التي إلى ربها ناظرة وهي التي لا تحجب إذ حُجِبَتْ هذه الوجوه
قال أبو محمد وقرأت في الإنجيل أن المسيح {صلى الله عليه وسلم} لما فتح فاه بالوحي قال طوبى للذين يرحمون فعليهم تكون الرحمة طوبى للمخلصة قلوبهم الذين يرون الله ربهم عز وجل قال أبو محمد نحن نؤمن بجميع ما جاء في مثل هذا في القرآن وعن الرسول {صلى الله عليه وسلم} وننتهي في صفاته جل جلاله إلى حيث انتهى رسوله {صلى الله عليه وسلم} ولا ندفع ما صح عنه بل نؤمن بذلك كله من غير أن نقول فيه بكيفية أو حد أو تفسير وأرجو أن يكون ذلك من القول والعقد سبيل النجاة غدا إن شاء الله عز وجل