كتاب المجالسة وجواهر العلم - ط ابن حزم

971 - حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال سمعت أحمد بن المعذل يقول كان رجل من الصالحين عندنا بالبصرة فما رئي قط إلا كأنه قد غشيته النار فقيل له لو رفقت بنفسك وجالست الناس لذهب عنك بعض هذا الخوف فقال لو أنزل الله تبارك وتعالى كتابا أنه يعذب رجلا واحدا من هذا الخلق لخفت أن أكون أنا ذلك الرجل ولو أنزل كتابا أنه يرحم رجلا واحدا لرجوت أن أكون هو فكيف وهو يعذبهم أو يرحمهم وقد قدَّم إلى كل واحد منهم العذر فقال ( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى اللهِ ) البقرة 281 وقال عز وجل ( وَيُحَذِرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ) آل عمران 28
972 - حدثنا محمد بن يحيى الحلواني نا محمد بن عبيد نا إسحاق بن سليمان عن شعيب بن صفوان قال حدثني ابن لسعيد بن العاص قال كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز رحمه الله حمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وإن لكم معادا ينزل الله تبارك وتعالى فيه للحكم فيكم والفصل بينكم فخاب وخسر من خرج من رحمة الله وحرم جنة عرضها السماوات والأرض ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر اليوم وخافه وباع نافدا بباق وقليلا بكثير وخوفا بأمان ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين وستكون من بعدكم للباقين كذلك حتى يرد الأمر إلى خير الوارثين ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل قد قضى نحبه حتى تغيبوه في صدع من الأرض في بطن صدع غير موسد ولا ممهد قد فارق الأحباب وباشر التراب وواجه الحساب فهو مرتهن بعمله غني عما ترك فقير إلى ما قدم فاتقوا الله قبل انقضاء مواقيته ونزول الموت بكم أما إني أقول هذا ثم رفع طرف ردائه على وجهه فبكى بكاء شديدا وأبكى من حوله
972 م - وأنشدنا بعض أصحابنا لبعض الشعراء
الليل شيب والنهار كلاهما
رأسي بكثرة ما تدور رحاهما
يتناهبان لحومنا ودماءنا
ونفوسنا قسرا ونحن نراهما
فأنا النذير لذي الشيبة منهما
لا تأمننَّهما فإنهما هما

الصفحة 211