وغصصه ونزعه وسكراته فكأنه قد نزل بك سريعا وشيكا وقد صرعت للموت صرعة لا تقوم منها إلا إلى الحشر إلى ربك فكيف بك في نزع الموت وكربه وغصصه وسكراته وقلقه وقد بدأ إليك الملك يجذب روحك من قدميك فوجدت ألم جذبه من جميع بدنك حتى إذا بلغ الكرب منك منتهاه وعم ألم الموت جميع جسدك وقلبك وجل محزون مرتقب للبشرى من الله عز وجل بالغضب أو بالرضى فبينا أنت في كربك وارتقابك إحدى البشريين من الله عز وجل إذ نظرت إلى صفحة ملك الموت بحسن صورة أو بقبحها مادا يده إلى فيك لينزع روحك من بدنك وعاينت صفحة ملك الموت وتعلق قلبك ماذا يفجؤك من البشرى منه بسخطه أو برضاه فأخذت نفسك ثم بعد ذلك القبر وهول المطلع ثم سؤال الملكين وعذاب القبر وانتظارك الصيحة فبينا أنت كذلك إذ سمعت نفخة الصور فانفرجت الأرض عن رأسك فوثبت من قبرك على قدميك بغبار قبرك قائما على قدميك شاخصا ببصرك نحو النداء وقد ثار الخلائق معك ثورة واحدة في زحمة الخلائق عراة صموت أجمعون قد ( وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَانِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ) طه 108 والصوت يمدهم بالمنادي والخلائق مقبلون نحوه وأنت فيهم ساع بالخشوع والذلة حتى إذا وافيت الموقف وازدحمت الأمم كلها من الجن والإنس عراة أذلاء قد نزع الملك من ملوك الأرض ولزمتهم الذلة والصغار فهم أذل أهل الأرض وأصغرهم خلقة وقدرا بعد عتوهم وتجبرهم على عباد الله في أرضه ثم أقبلت الوحوش من البراري وذرى الجبال منكسة رؤوسها بعد توحشها وانفرادها عن الخلائق ذليلة ليوم النشور بغير بلية نالتها ولا خطيئة أصابتها وأقبلت السباع بعد ضراوتها وشدة بأسها منكسة رؤوسها ذليلة ليوم القيامة حتى وقفت من وراء الخلائق بالذلة والمسكنة للملك الجبار وأقبلت الشياطين بعد تمردها وعتوها خاضعة خاشعة لذل العرض على الله فسبحان الذي جمعهم بعد طول البلاء باختلاف خلقهم وطبائعهم وتوحش بعضهم من بعض قد أذلهم البعث وجمع بينهم النشور