كتاب المجالسة وجواهر العلم - ط ابن حزم

ونصب وقوفهم وقد اشتد العطش فيفزعون إلى حوض محمد {صلى الله عليه وسلم} فمن شارب من حوضه صادر عنه بعد ريه مسرور قلبه بفرحه بالري وزوال شدة عطشه ومن مصروف وجهه عن حوضه ومول بعطشه وشدة حسرته على ما خيب من أمله أن يشرب من حوضه ينادي بصوته المحزون عن قلبه الحسر المغموم أتيت حوض محمد {صلى الله عليه وسلم} فصرف وجهي فواعطشاه وليس منا أحد إلا وهو خائف أن يحل به ما حل به فحق عليك أن تعيش في الدنيا مغموما محزونا خائفا أن يصرف وجهك عن حوض محمد {صلى الله عليه وسلم} ثم دخل النار بعد ذلك بعطشه فبينا هم كذلك فزعوا إلى آدم {صلى الله عليه وسلم} أن يشفع في الراحة من مقامهم وإلى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فكلهم قال إن ربي قد غضب غضبا لم يغضبه قبل ولا بعد فكلهم يقول نفسي نفسي فما ظنك بيوم ينادي فيه المصطفى آدم والخليل إبراهيم والكليم موسى والروح والكلمة عيسى عليه السلام مع كرامتهم على الله عز وجل وعظم قدر منازلهم عند الله عز وجل كل يقول نفسي نفسي من شدة غضب ربه عز وجل حتى إذا أيسوا من الشفاعة أتوا محمداً {صلى الله عليه وسلم} فسألوه الشفاعة إلى ربهم عز وجل فأجابهم إليها ثم قام إلى ربه فأثنى عليه وحمده بما هو أهله حتى أجابه ربه عز وجل إلى تعجيل عرضه فبيناه إذ نادى مناد إن الجبار قد أتى لعرضك عليه حتى كأنه لا يعرض عليه أحد سواك ولا ينظر إلا في أمرك ثم جيء بجهنم ثم زفرت وثارت إلى الخلائق من بعد وسمعوا لها تغيظا وزفيرا ثم تحمل على الخلائق حتى يتساقطوا على ركبهم جثيا حول جهنم فأرسلوا الدموع وارتفعت أصوات الخلائق بالبكاء والعويل وقد ذهلت عقولهم لعظم ذلك اليوم وفر منك الولد والوالد والأخ والصاحب فبينا الخلائق على ذلك ارتفعت عنق من النار فنطقت بلسان فصيح بمن وكلت أن تأخذهم من بين الخلائق بغير حساب فابتلعتهم ثم خنست بهم في جهنم تقول ذلك ثلاثا ثم ينادي مناد سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم ليقم الحامدون الله عز وجل على كل حال فيقومون فيسرحون إلى الجنة ثم يفعل ذلك بأهل قيام الليل ثم بمن لم

الصفحة 656