كتاب المجالسة وجواهر العلم - ط ابن حزم

تشغله في الدنيا تجارة ولا بيع على ذكر الله حتى إذا دخل هذان الفريقان الجنة من أهل الجنة وأهل النار النار بغير حساب تطايرت الكتب فآخذ ذات اليمين وآخذ ذات الشمال حتى تقع في أيمانهم وشمائلهم ونصبت الموزاين وأنت متوجل أين يقع كتابك في يمينك أو شمالك فإن وقع في يمينك فقد فزت وإن وقع في شمالك فقد خسرت الدنيا والآخرة ثم تنشر صحفك وما عملت من خير وشر فقد أحصاه الله ونسيته ثم توقف بين يدي الله عز وجل وقد رفع الخلائق إليك أبصارهم وقد خلع قلبك فزعا حتى أتوا بك إلى ربك عز وجل فيقول لك يا ابن آدم فيما أفنيت عمرك ومالك من أين جمعته وفيما فرقته ثم يسألك عن قبيح فعلك وعظيم جرمك فكم لك من حياء وخجل من الذي لم يزل إليك محسنا وعليك ساترا فبأي لسان تجيبه حين يسألك وبأي قدم تقف بين يديه وبأي قلب تحتمل كلام الجليل فكم من بلية قد كنت نسيتها قد ذكرها وكم من سريرة قد كنت كتمتها قد أظهرها وأبداها وكم من عمل قدمته ظننت أنه قد خلص لك وسلم بالغفلة منك إلى ميل الهوى عما يفسده قد رده في ذلك الموقف بعدما كان أملك فيه عظيماً

الصفحة 657