فيا حسرات قلبك ويا أسفك على ما فرطت في طاعة ربك عز وجل حتى إذا كرر عليك السؤال بذكر كل بلية ونشر كل مخبإ فأجهدك الكرب وبلغ الحياء منك منتهاه ويقول لك يا عبدي أما أجللتني أما استحييت مني استخففت بنظري ولم تهابني ألم أحسن إليك ألم أنعم عليك ما غرك بي شبابك فيما أبليته وعمرك فيما أفنيته ومالك من أين اكتسبته وفيما أنفقته وعلمك ماذا عملت به فما يزال يعدد من ذلك عليك أشياء وأنت قد طار قلبك فأعظم به موقفا وأعظم به سائلا وأعظم مما يداخلك من الغم والحزن والتأسف على ما فرطت في طاعته فإذا بقيت متحيرا إما أن يقول لك يا عبدي أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم وإما أن يقول لك يا عبدي أنا غضبان عليك فعليك لعنتي فلن أغفر لك عظيم ما أتيت ولن أتقبل منك ما عملت ويقول ذلك عند بعض ذنوبك العظيمة ثم يقول خذوه فما ظنك بالله يقولها فتبادر إليك الزبانية بفظاظتها وغلظ أكفها وأنت ذليل موقن بالهلاك وأنت في أيديهم وهم ذاهبون بك إلى النار مسود وجهك تتخطى الخلائق وكتابك بشمالك تنادي بالويل والثبور حتى تساق إلى جهنم فتذاق ألوان العذاب فأشفق يا ابن آدم على ضعف بدنك وتخفف في الدنيا من الذنوب وللممر على الصراط الذي هو مسيرة خمس عشرة ألف عام ولهول القيامة فإنما خف ذلك على أوليائه بهمومها في الدنيا لعقولهم فتحملوا في الدنيا ثقل همومها حتى خشعت قلوبهم وجلودهم في الدنيا فخففها عليهم بذلك مولاهم فألزم قلبك خوفه واشتغل بطاعته لعله يرى اهتمامك فيبلغك فتكون ممن قد زحزح عن النار وأمن غمرات القيامة واسأله التوفيق لما يدنيك منه وما يسلي عنك غم ذلك اليوم من هول الموقف فإنه أهل الفضل والإحسان والكرم
3058 1 م - حدثنا ابن أبي الدنيا نا أحمد بن أيوب قال قال حاتم طيء وأنشد هذه الأبيات
قليل المال تصلحه فيبقى
فقال قطع الله لسانه فأين هو عن هذه الأبيات
فلا الجود يفني المال قبل فنائه
ولا البخل في مال الشحيح يزيد