كتاب المجالسة وجواهر العلم - ط ابن حزم

3087 - حدثنا محمد بن عبد العزيز نا ابن عائشة عن أبيه أن هشام بن عبد الملك لما احتضر نظر إلى حشمه ولحمته يبكون ففتح عينيه وبكى في وجوههم ثم قال جاد هشام عليكم بالدنيا وجدتم عليه بالبكاء فترك عليكم ما خلف وتركتم عليه ما اكتسب ما أسوأ حال هشام إن لم يغفر الله له
3088 - حدثنا محمد بن موسى نا محمد بن الحارث عن المدائني ( ح ) ونا أبو العباس المبرد قال أخبرونا عن المدائني عن أبي محمد بن عمرو الثقفي قال لما مات محمد بن الحجاج جزع عليه جزعا شديداً فقال إذا غسلتموه فآذنوني فأعلموه به فدخل البيت فنظر إليه فقال
الآن لما كنت أكمل من مشى
وافتر نابك عن شباب القارح
وتكاملت فيك المروءة كلها
وأعنت ذلك بالفعال الصالح
فقيل له اتق الله واسترجع فقال إنا لله وإنا إليه راجعون وقرأ ( الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُمْ مُّصِيبَة ٌ قَالُوا إِنَّا لِلهِ وَإِنَّآ إِلَيهِ رَاجِعُونَ ( 156 ) ) البقرة 156 الآية قال وأتاه موت محمد بن يوسف وكان بينهما جمعة فقال
حسبي حياة الله من كل ميت
وحسبي بقاء الله من كل هالك
إذا ما لقيت الله ربي مسلما
فإن نجاة النفس فيما هنالك
وجلس للمعزين يعزونه ووضع بين يديه مرآة وولى الناس ظهره وقعد في مجلسه فكان ينظر
ما يصنعون فدخل الفرزدق فلما نظر إلى فعل الحجاج تبسم فلما رأى ذلك الحجاج منه فقال أتضحك وقد هلك المحمدان فأنشأ الفرزدق يقول
لئن جزع الحجاج ما من مصيبة
تكون لمحزون أجل وأوجعا
من المصطفى والمصطفى من خيارهم
جناحيه لما فارقاه فودعا
أخ كان أغنى أيمن الأرض كلها
وأغنى ابنه أمر العراقين أجمعا
جناحا عقاب فارقاه كلاهما
ولو قطعا من غيره لتضعضعا
سميا نبي الله سماهما به
أب لم يكن عند النوائب أخضعا
وقال الفرزدق أيضا
إن الرزية لا رزية مثلها
فقدان مثل محمد ومحمد
ملكان قد خلت المنابر منهما
أخذ المنون عليهما بالمرصد

الصفحة 666