كتاب المجالسة وجواهر العلم - ط ابن حزم

فتى من هذا الطعام قال موسى عليه السلام أعوذ بالله قال شعيب ولم قال موسى لأنا في أهل بيت لا نبيع ديننا بملء الأرض ذهبا قال شعيب لا والله ولكنها عادتي وعادة آبائي نطعم الطعام ونقري الضيف فجلس موسى فأكل فإن كانت هذه الدنانير عوضا لما سمعت من كلامي فلأن أرى أكل الميتة والدم في حال الضرورة أحب إلي من أن آخذها فكأن سليمان أعجب بأبي حازم فقال بعض جلسائه يا أمير المؤمنين أيسرك أن الناس كلهم مثله قال الزهري إنه لجاري منذ ثلاثين سنة ما كلمته بكلمة قط فقال له أبو حازم صدقت إنك نسيت الله فنسيتني ولو أحببت الله لأحببتني قال الزهري أتشتمني فقال سليمان بل أنت شتمت نفسك أما علمت أن للجار على جاره حقا فقال أبو حازم إن بني إسرائيل لما كانوا على الصواب وكانت الأمراء تحتاج إلى العلماء فكانت العلماء تفر بدينها من الأمراء فاستغنت الأمراء عن العلماء
واجتمع القوم على المعصية فشغلوا وانتكسوا ولو كان علماؤنا هؤلاء يصونون علمهم لم تزل الأمراء تهابهم قال الزهري كأنك إياي تريد وبي تعرض قال هو ما تسمع قال وقدم هشام المدينة مرة أخرة فأرسل إلى أبي حازم فقال له يا أبا حازم عظني وأوجز قال أبو حازم اتق الله وازهد في الدنيا فإن حلالها حساب وحرامها عذاب قال لقد أوجزت يا أبا حازم فقال له يا أبا حازم ارفع حوائجك إلى أمير المؤمنين قال أبو حازم هيهات هيهات قد رفعت حوائجي إلى من لا تختزل الحوائج دونه فما أعطاني منها قنعت به وما منعني منها رضيت وقد نظرت في هذا الأمر فإذا هو نصفان أحدهما لي والآخر لغيري فأما ما كان لي فلو احتلت فيه بكل حيلة ما وصلت إليه قبل أوانه الذي قدر لي فيه وأما الذي لغيري فذلك الذي لا أطمع نفسي فيما مضى ولم أطعمها فيما بقي وكما منع غيري رزقي كذلك منعت رزق غيري فعلى ما أقتل نفسي

الصفحة 734