كتاب المجالسة وجواهر العلم - ط ابن حزم
المختبر وشرف المعشر من أهل المعشر حتى بدا {صلى الله عليه وسلم} في خير قريش بطناً وأنضرها عوداً وأطولها باعاً وأسفرها قناعاً وأثبتها في مُرتقى الخير سلماً هادياً إلى رضاه وداعياً إلى محابِّه ودالاً على سبيل جنته فتح لنا باب رحمته وأغلق عنا باب سخطه وبلَّغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله عز وجل حتى أتاه اليقين فصلوات الله عليه ورحمته وبركاته وعلى آله وسلم كثيراً أبداً ما طمى بحرٌ وذرَّ ريح وعلى جميع النبيين والمرسلين أما بعد فإن الله تبارك وتعالى في كل نعمة أنعم بها حقاً على عباده يجب عليهم الشكر له فنسأل الله أن يجعلنا لنعمه شاكرين وبأحسنه آخذين وأن ينفعنا بالعلم فإن خير العلوم أنفعُها وأنفعُها أحمدُها مَغَبَّة وأحمدها مَغَبَّة ما تُعُلِّم وعُلِّمَ لله تبارك وتعالى وأريد به وجهه ونحن نسأل الله أن يجعلنا بما علمنا عاملين وبأحسنه آخذين ولوجهه الكريم بما يستفيد ويفيد وبحسن بلائه عندنا وبشكره آناء الليل والنهار عارفين إنه أقربُ المدعوين وأفضلُ المعطين وأجودُ المسؤولين وإني تكلَّفت بهذا الكتاب وجمعت فيه علوماً كثيرة من التفسير ومعاني القرآن وفي عظمة الله جلّ وعزّ ومن حديث الرسول {صلى الله عليه وسلم} وحديث الصحابة وأخبارهم رحمة الله عليهم أجمعين ومن حديث أخبار التابعين والزهاد والعلماء والحكماء والشعر والنوادر وأخبار العرب وأيامها وأخبار الفرس وغير ذلك من فنون العلم ولم أدع شيئاً يحتاج إليه العالم والمتعلم ويجري ذكره في مجالسهم إلا وقد ذكرت في كتابي هذا منه طرفاً وجعلته مختصراً كيلا يثقل على من كتبه ويكون ذلك سهلاً على من نظر فيه وحفظه ونسأل الله عز وجل التجاوز عن الزَّلَّة وحسن التوفيق لما يحب إنه خير مسؤول وأفضل مأمول
بسم الله الرحمن الرحيم
الصفحة 8
750