" من الوصايا: العزلة , وهي التفرد عن الخلق ... وليذهب المريد إلى موضع كالبرية والجبال لا تلزمه فيه الجمعة والجماعة " (¬1).
فترك الجمعة والجماعة هو المقصود من الاعتزال والخلوة عندهم.
وقد ذكر هذه الخلوة وآدابها وطرق الدخول فيها بحرق الحضرمي (¬2) أيضاً.
وأيضاً عبد العزيز الدريني (¬3).
وقد ذكر الشعراني عن بعض مشائخه أنه ما شهد جنازة قطّ (¬4).
وينقل الفيتوري عبد السلام عن نصير الدين الأودهي العروس أنه لم يخرج قطّ إلى زيارة المريض إلى أن مات (¬5).
مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(من شيع جنازة فله قيراط من الأجر , فإن وقف حتى فله قيراطان , وفي الخبر القيراط مثل جبل أحد) (¬6).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة) (¬7).
وقال عليه الصلاة والسلام: (من أتى أخاه المسلم المسلم عائداً مشى في خرفة الجنة حتى يجلس , فإذا جلس غمرته الرحمة , فإن كان غدوة صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي , وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح) (¬8).
فالحاصل أن الصوفية قد وضعوا بدعات الخلوة والعزلة فراراَ عن الصلاة بالجماعة , وهروباً عن أداء الجمعات , كما أنهم حرموا أنفسهم من أجور أخرى أيضاً.
¬_________
(¬1) كفاية الأتقياء ومنهاج الأصفياء للدمياطي ص 35.
(¬2) أنظر رسالة ترتيب السلوك إلى ملك الملوك لجمال الدين محمد بن عمر بحرق الحضرمي المتوفى 930 هـ جامعة ط بنجاب لاهور باكستان.
(¬3) أنظر طهارة القلوب لعبد العزيز الدريني ص 250 ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة.
(¬4) الطبقات الكبرى لعبد الوهاب الشعراني طبعة قديمة مصر.
(¬5) الوصية الكبرى للفيتوري ص 101 ط مكتبة النجاح طرابلس ليبيا.
(¬6) متفق عليه.
(¬7) رواه مسلم.
(¬8) رواه الترمذي وابن ماجة.