كتاب دراسات في التصوف

" كل مريد غسل ثوبه بغير نجاسة , أو أكتحل , أو رجّل شعره , أو حسن شيئاً من زينة ظاهرة لغير ضرورة أو أمر شيخ فهو عامل لنفسه , وقالوا لبعضهم: لم لا تمشّط لحيتك؟

فقال: إني إذن فارغ (¬1).

مع أنه روى عن أنس رضي الله عنه أنه قال:

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته " (¬2).

وروى عن عطاء بن يسار قال:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فدخل رجل ثائر الرأس واللحية , فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده , كأنه يأمر بإصلاح شعره ولحيته ففعل ثم رجع , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(أليس هذا خيراً من أن يأتي أحدكم وهو ثائر الرأس كأنه شيطان) (¬3).

وأما الشعراني فيروي عن الصوفي الشيخ محمد السروي أنه " جاءه الشيخ علي الحديدي يطلب منه الطريق فرآه ملتفتاً لنظافة ثيابه فقال:

إن كنت تطلب الطريق فأجعل ثيابك ممسحة لأيدي الفقراء , فكان كلّ من أكل سمكاً أو زفراً يمسح في ثوبه يده مدة سنة وسبعة شهور حتى صارت ثيابه كثياب الزياتين أو المساكين , فلما رأى ثيابه لقنه الذكر (¬4).

وذكر أيضاً صوفياً آخر أنجس وأقذر بكثير , فقال:

" كان سيدي بركات الخياط رضي الله عنه يخيط المضربات المثمنة , وكان رضي الله عنه يقول لمن يخيط له: هات معك فوطة وإلا يتسخ قماشك من ثيابي.

وكان دكانه منتنا قذرا لأن كل كلب وجد ميتاً أو قطاً أو خروفاً يأتي به فيضعه
¬_________
(¬1) ترصيع الجواهر المكية لعبد الغني الرافعي ص 36 ط المطبعة العامرية الشرفية مصر 1301 هـ , ومثله في تذكرة الأولياء للعطار ص 129.
(¬2) رواه في شرح السنة.
(¬3) رواه مالك.
(¬4) طبقات الشعراني ج 2 ص 128.

الصفحة 114